خالد عبد العزيز
قراءة في أوراق دورة الكونغو
لا شك أن الإنجاز الذي حققه شباب مصر الأبطال في دورة الألعاب الأفريقية بالكونغو خلال هذا الشهر وتحقيقهم المركز الأول علي القارة برقم غير مسبوق وتاريخي لعدد الميداليات "217 ميدالية: 85 ذهبية ـ 64 فضية ـ 68 برونزية" وبفارق كبير عن أقرب الدول المنافسة "جنوب أفريقيا ـ الجزائر ـ نيجيريا" يحتاج إلي مزيد من الدراسة والتحليل. ليس من الجانب الفني فحسب بل أيضا من بعض الجوانب الأخري التي تساعد علي استثمار هذا التفوق الرياضي في إيجاد مناخ صالح للحفاظ علي هذه السيادة والتركيز علي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تساهم في إحداث تغيير إيجابي في شكل المجتمع المصري بصفة عامة.
فمن الواضح أن الألعاب الشهيدة ـ كما يطلقون عليها ـ هي صاحبة الإنجاز بشكل واضح خصوصا في رفع الأثقال والسباحة والكاراتيه والمصارعة والسلاح والتايكوندو وتنس الطاولة والجودو والجمباز والتنس والملاكمة.. كما حقق أبطال الألعاب البارالمية تفوقاً واضحاً أكد صدارة مصر للدورة.. الأمر الذي يستلزم معه زيادة الاهتمام الرسمي والشعبي بهذه الألعاب والبحث عن المواهب وزيادة مراكز الانتقاء والتوجيه في كل ربوع مصر من القرية للمركز للمدينة والمحافظة.
إن التغطية الإعلامية المتميزة التي صاحبت فعاليات الدورة ومتابعة الإعلام المصري في صوره المختلفة لما يحققه شباب مصر من نتائج متميزة وظهور الأبطال بشكل مناسب في وسائل الإعلام سيكون له أكبر الأثر في انتشار هذه اللعبات والتركيز عليها حتي ولو بالقدر الذي يتناسب مع شعبية كرة القدم.
إن الدول التي تلت مصر في ترتيب الميداليات ـ جنوب أفريقيا ـ الجزائر ـ نيجيريا ـ هي الدول صاحبة القوي الاقتصادية الكبري في القارة وتتمتع هذه الدول بشكل أو بآخر باستقرار سياسي علي الأقل خلال السنوات العشر الماضية.
ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها مصر خلال السنوات السابقة. إلا أن المخزون الحضاري والبناء النفسي والوجداني للشباب المصري والإعداد البدني والفني المتميز والتواصل المستمر والتفاهم المتبادل بين الحكومة واللجنة الأوليمبية والاتحادات الرياضية كان له أكبر الأثر في تحقيق هذا الإنجاز.. إلا أن الأمر يتطلب عند المنافسة علي الألقاب العالمية مزيدا من الاستقرار السياسي والاقتصادي والبناء العلمي للشخصية المصرية.
إن زيادة قيمة المكافآت التي ترصدها الوزارة لهؤلاء الأبطال بشكل يتوازن مع متطلبات الحياة المستقبلية لهؤلاء الشباب يفتح الطريق أمام أسر مصرية جديدة لحث أولادهم وبناتهم لتكون الرياضة واحترافها هي الاختيار الأول لبناء المستقبل المهني والاقتصادي والاجتماعي لهؤلاء الشباب.
يجب أن تصبح الرياضة والمجال الرياضي أحد الجوانب الأساسية في خلق فرص عمل جديدة للشباب من حيث الممارسة والتدريب والإدارة والتحكيم والطب الرياضي والسياحة الرياضية والاستثمار والتسويق مما يساعد بشكل أو بآخر في تخفيض نسبة البطالة وتحسين المستوي الاقتصادي والاجتماعي لعدد غير قليل من الشباب.
نتائج إيجابية كثيرة يجب أن تصاحب هذا الإنجاز الكبير ويجب علي الدول والكيانات الاقتصادية الكبري ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام استثمار هذا الإنجاز في خلق واقع مصر جديد للشباب ملئ بالأمل والعمل والانتماء.