الصباح
سليمان جودة
لا بديل عن إعادة الشىء إلى أصله فى الأزهر
اعتمد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، نتيجة امتحان الدور الثانى للثانوية الأزهرية، الأسبوع الماضى، وبلغت نسبة النجاح 34 فى المائة، لتصبح النتيجة فى الدورين الأول والثانى 50 فى المائة!
والمعنى أن كل مائة طالب كانوا فى الثانوية الأزهرية، فى العام الماضى، سوف يبقى منهم خمسون طالبًا للإعادة فى هذا العام!
ولابد أننا نذكر، أن مسئولًا فى الأزهر، كان قد قال عند إعلان نتيجة الدور الأول، إن انخفاض نسبة النجاح فيه، بشكل لافت، بل بشكل صادم، كان راجعًا إلى منع الغش فى الامتحانات هذه السنة!
وفى سياق مختلف، قال مسئول آخر: إن تراجع نسبة النجاح، يمثل الحصيلة الأولى للإصلاح فى الأزهر.. وهو كلام وصفه الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة فى الأزهر، بأنه يعبر إما عن استهبال من جانب قائله، أو عن استغفال من قائله نفسه للناس!
ولم يتوقف الدكتور كريمة عند هذا الحد، ولكنه قال إن المسئولين عن تراجع نسبة النجاح هكذا، إما أن يُقالوا من مواقعهم، أو أن يحالوا إلى تحقيق جاد!
ورغم أن كلامه صحيح، ورغم أنه كلام فى موضعه إلا أنى كنت أود لو أنه لم يغفل شيئين اثنين:
أما الشىء الأول، فهو أن يحدد المسئول أو المسئولون الذين يرى أنهم إما أن يُقالوا من مناصبهم، أو أن يخضعوا لتحقيق جاد، لأن الكلام عن مسئول، أو مسئولين فى المطلق هكذا، دون تحديد لاسم، أو لمنصب يشغله اسم، إنما هو تعليق للمسئولية عما حدث، فى الهواء!
وأما الشىء الثانى، فهو أن يقول لنا الدكتور كريمة شيئًا محددًا عن أسباب تراجع النجاح، إلى هذا الحد، ثم، وهذا هو الأهم، يقول لنا شيئًا أكثر تحديدًا عن الطريقة التى يمكن لنا بها، أن نعالج الوضع الذى نحن أمامه، بحيث يصبح التعليم فى الأزهر بعدها، على المستوى الذى نحب!
وعلى سبيل القطع، فإن الدكتور كريمة، وغير الدكتور كريمة، يعرفون أن الأزمة فى التعليم الأزهرى تعود فى أساسها إلى قانون تطوير الأزهر الذى صدر مطلع الستينيات من القرن الماضى، على يد الرئيس جمال عبدالناصر.
القانون إياه، جعل الأزهر على مستوى جامعته، ومعاهده، ومدارسه، مثله مثل أى تعليم آخر، فى أى جامعة، أو مدرسة، أو معهد، ومنذ تلك اللحظة، بدأ التراجع فى تعليم الأزهر، حتى تفاقم ووصل حدًا لم يعد من الممكن السكوت عليه.
فطوال تاريخ الأزهر، كانت فيه أربع كليات أساسية، لا خامسة لها، هى كلية أصول الدين، وكلية الشريعة والقانون، وكلية اللغة العربية، وكلية الترجمة، وكانت هذه الكليات الأربع، فيما قبل صدور قانون التطوير، تدفع بخريجين من الأزهر، عامًا بعد عام، مؤهلين تمامًا بما لابد أن يكون عليه خريج الأزهر حقًا، من معرفة وإلمام بعلوم الدين واللغة، ومن تكوين علمى لابد أن يتخرج أى طالب من الكليات الأربع وقد اكتمل به عقله، وتشبع به وجدانه!
بعدها.. أى بعد قانون التطوير.. راح الأزهر ينافس سائر الجامعات، فى تخريج الأطباء، والمهندسين، والمحاسبين إلى آخر القائمة التى تتشكل منها الأعداد المتخرجة فى الجامعات كلها فى كل عام.. وكانت النتيجة، أنه لا الأزهر استطاع أن ينافس باقى الجامعات، فى هذا السياق، ولا استطاع أن يحتفظ بمستوى خريجى كلياته الأربع الأساسية، عند درجة من الجودة، كان خريجوها قد اشتهروا بها فى مصر، وفى خارج مصر!
البداية، يا دكتور كريمة، ويا أى مسئول فى الأزهر، أو حتى فى البلد، عنده ضمير، كانت عام 1961، عندما صدر قانون التطوير، الذى لم يكن اسمًا على مسمى أبدًا.. وكما كانت البداية، فى التراجع، من هناك، فالبداية فى الإصلاح، لابد أن تكون من هناك أيضًا، بإعادة الشىء إلى أصله، ليعود الأزهر كما كان قبل صدور قانون التطوير.. وما عدا ذلك لا ينتج فى الدعوى أبدًا، كما يقول أهل القانون!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف