الأهرام
د. عمرو عبد السميع
الحبرة والبرقع واليشمك والرقص
حُجب وغشاءات وغطاءات سوداء قاتمة، تعكس واقعا متأزما عنكبوتيا معتما، أسدلتها قوى الجمود والتطرف والتخلف والرجعية على المرأة عبر التاريخ.
وقد تحول ذلك المعنى إلى لوحة حركية نابضة بالحيوية، ومفعمة بقدر كبير جدا من الرسائل البصرية والفكرية فى عرض لفرقة الرقص المسرحى الحديث المصري، بدار الأوبرا من تصميم وإخراج وليد عوني. والحقيقة أننى كنت محتاجا لمشاهدة ذلك العرض لأحسم موقفى من وليد عوني.. إذ لم أشاهد من إبداعه قبل هذا العمل (قاسم أمين ـ تحرير المرأة) سوى عملين أحدهما بهرنى فى افتتاح مكتبة الإسكندرية، والآخر صدمنى فى العيد المئوى للمتحف الإسلامى !! كنت فى حاجة إلى عرض ثالث يرجح (انبهاري) أو يعزز (صدمتي)، وقد جاء عرض (قاسم أمين) ليشعرنى بأننى أمام مصمم كبير، ومبدع مثقف، يعرف كيف يترجم المعانى الفلسفية والفكرية المعقدة إلى عبارات فنية بالغة الجمال والقدرة على النفاذ والتأثير. فى عرض (قاسم أمين) رأينا صراع التنوير مع الإنحطاط فى تبادليات ما بين ظهور طلائع التقدمية عند الطهطاوى ومحمد عبده والكواكبى وأديب إسحق وعبد الله النديم، إلى محاولات قوى العتمة سجن المرأة خلف الحبرة والبرقع واليشمك وحُجب السواد، إلى نهضة هدى شعراوى وباحثة البادية ومى زيادة، ثم أثر السينما والغناء عند أم كلثوم وفاطمة رشدى وليلى مراد وأسمهان وفاتن حمامة ومديحة يسري، وكأن فى صور السينوغرافيا المتتابعة والمصاحبة للعرض تأكيدا لكلمات قاسم أمين الشهيرة التى اختتمت العمل: (إن من أسباب إنحطاط الأمم إهمال الغناء والفنون الجميلة).

من أجمل لوحات العرض (لوحة المطبعة) التى تظهر التحول النسوى بين أن تكون المرأة متلقيا لأفكار الآخرين التى تدهسها وتخضعها، أو أن تكون مشاركا يشتبك بالحوار، وأحب أن أذكر ـ هنا ـ أسماء راقصى العرض الرائعين.

محمد مصطفى كريم عزت ـ محمود مصطفى محمد عبد العزيز ـ أمين محمد- نور حمدى باهر أمجد ـ رشا الوكيل ـ منت محمود ـ إيمان رزيق ـ ريم أحمد ـ سماح مبارك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف