مصطفى شفيق
وزارة إسماعيل.. حكومة والسلام
اختيار الوزراء لا يقل غرابة عن اختيار رئيس الحكومة للمنصب
أظن أن حكومة المهندس شريف اسماعيل حكومة غير محظوظة.. وغير مدروسة... ويصعب عليها انجاز المهام الجسام المكلفة بها... والظروف التي أحاطت بتشكيل هذه الحكومة غريبة... فاستقالة حكومة «محلب» كانت مفاجئة... ورحيل «محلب» نفسه لم يكن متوقعاً... واختيار المهندس شريف إسماعيل لرئاسة الحكومة جاء بعيداً عن كل التوقعات التي ملأت الشارع السياسي... وتناقلتها وسائل الاعلام... وتداولتها مواقع التواصل الاجتماعي... ويذكرنا هذا باختيار أحمد نظيف من وزارة الاتصالات لتشكيل الحكومة في عصر حسني مبارك ... فقد كان هذا الاختيار غريباً ومفاجأة أيضاً للجميع... خاصة مع تشابه المرحلتين اللتين تم فيهما الاختيار... فكلتا المرحلتين كانت في حاجة إلي رجل اقتصاد.. أو أستاذ في المالية... إلا أن ترشيح الرئيس ذهب بعيداً عن كل التوقعات... وربما كان ذلك الترشيح مستنداً لتقارير كفاءة تعطي رئيس الحكومة الجديد ميزة نسبية عن غيره... كذلك قد تكون تقاريره الرقابية أفضل من تقارير الآخرين... إلا أن ذلك لا يعدل ولا يغير من أن الحكومة سيئة الحظ... الشارع رفضها حتي قبل الاعلان عن تشكيلها... هذا الرفض راجع إلي الترشيح غير المتوقع من ناحية... وإلي الشعبية والرضا التي نالها وتمتع بها المهندس ابراهيم محلب رئيس الحكومة المستقيلة... تلك الشعبية والرضا يدفعان بقوة نحو التساؤل عن أسباب التغيير... خاصة أن حكومة «محلب» تطهرت... وأن وزير الزراعة السابق المتورط الوحيد من أعضاء حكومة «محلب» في الفساد أقيل... وألقي القبض عليه... وصدر قرار بحبسه... ولم يتم استدعاء غيره من أعضاء الحكومة في التحقيقات... حتي من حامت حولهم الشبهات... بل إنهم جميعا احتفظوا بحقائبهم... ومكاتبهم... ومقاعدهم... ورحلاتهم إلي الخارج... ويزيد من حدة التساؤل عن أسباب رحيل «محلب» شخصياً أن أداء الرجل كان مرضياً... متابعاً.. متواجداً باستمرار في مواقع الأزمات والأحداث...حتي أن بعض الخبثاء قال إن «محلب» يعمل متجاهلاً أعضاء وزارته المتمسكين بالمكاتب المكيفة... والحلول النظرية... وكثيراً ما وجًّهت انتقادات شخصية للمهندس ابراهيم محلب حتي أيام توليه منصب وزير الاسكان... إلا أن الاعتراف بجهده... ودأبه... وقدرته علي العمل والمتابعة تفرض أن نرفع اليوم له القبعات... وأن نضعه في مصاف رؤساء الحكومات المميزين.
وعودة بالحديث إلي حكومة «إسماعيل» فإن غرابة اختياراته لأعضاء الحكومة... لم تختلف كثيراً عن غرابة اختياره هو شخصياً لرئاستها... وظني أن المهندس شريف اسماعيل انشغل بالمفاجأة بقرار ترشيحه للمنصب عن التدقيق في الاختيارات... يضاف إلي ذلك أن الوقت الذي منحه له الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة كان أسبوعا واحداً... وهي فترة غير كافية للتدقيق... والاختيار... والمفاضلة... فجاءت الحكومة من حيث لتعيد الحقائب الملغية... وتضم المفصولة...وتفصل المضمومة... وتبتدع المستحدثة... أما الوزراء فجاءت بينهم بالمفصول... وضعيف الامكانيات... وصاحب التاريخ غير المقبول... والمعزول لأسباب تصل لدرجة الفضيحة... باختصار فإن الشارع السياسي... والمواطن العادي يتفقان علي أن وزارة إسماعيل يمكن تسميتها «حكومة والسلام»... هذا الاتفاق يضع علي عاتق وزرائها مسئولية صعبة في تغيير الانطباع الأول... وعلي أعضائها أن يتخذوا من القرارات ما يقرب بينهم وبين رجل الشارع... وما يحقق مصلحة الوطن... وتخفيف العبء عن محدودي الدخل...
علي وزراء حكومة اسماعيل أن يرسموا بسياساتهم وقراراتهم صورة مغايرة لما استقر في الأذهان... وعلي رئيس الحكومة أن يجد لنفسه أسلوبا عمليا يقترب به من قلب المواطن العادي... هذا الاسلوب لن يكون إلا بالاهتمام المباشر بمعاناة الناس في تسيير حياتهم... وفي التعليم.. والعلاج... والتشغيل... ولو نجح شريف اسماعيل في التوصل لهذا الأسلوب ستنجح حكومته... ويكتب اسمه في سجل التاريخ... المشرف.