محمد عاشور
باى.. باى.. يا أجمل ذكرياتنا!
فى الوقت الذى تعمل فيه الحكومة جاهدة على إعادة روح الأمل والتغيير لدى المواطنين من البسطاء، خاصة فى أيام المواسم والأعياد، إلا أن الأسواق تعانى من اشتعال أسعار اللحوم الذى يحرق محدودى الدخل بموجات غلاء فاقت كل التوقعات، وتشتد الأزمة مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، وانتهاز التجار والجزارين الفرصة لسلب ما فى جيوب المواطنين، وهو الفتات فى ظل غلاء المعيشة وتدنى الرواتب والأجور، وجعلهم يشعرون بمرارة الحاجة والفقر والعوز.
وفى الوقت ذاته تتزايد دعوات لمقاطعة اللحوم بعد ارتفاع أسعارها تحت شعار «بلاها لحمة»، نظرا لعدم قدرة المواطنين على الشراء، بعد وصول سعر كيلو اللحم البلدى لـ 90 جنيها، وكذلك الخراف الحية للقائم 38 جنيها، واللحوم المستوردة لـ 75 جنيها، وذلك فى ظل غياب الرقابة على الأسواق، وعدم اتخاذ إجراءات فورية حازمة وحاسمة من قبل الدولة لضبط السوق ومنع جشع التجار الذين يتلاعبون بمقدرات الشعب، ولذا شهدت الأسواق إقبالا محدودا من المواطنين على شراء لحوم الأضاحى، وأصبحت حركة البيع والشراء شبه متوقفة، نظرا للانفلات الواضح فى أسعار اللحوم البلدية الحية التى ارتفعت بنسبة 52% عن العام الماضى.
حركة البيع
يقول محمود الشهاوى «تاجر أغنام»: إن الأسعار هذا العام مرتفعة قليلا عن العام الماضى حيث يبدأ سعر الخروف «الذكر» من 1700 و2500 ويصل إلى 3 آلاف جنيه، أما «أنثى الخروف» فتبدأ من 1200 وحتى 1700 جنيه، وأكد أن ضعف الإقبال هذه الأيام لدخول عيد الأضحى مع بداية العام الدراسى، وأشار إلى أن الإقبال هذا العام على شراء الأضحية ضعيف مقارنة بالعام الماضى، وذلك نظرا لارتفاع الأسعار عن العام الماضى، لافتا إلى أنه كان يقوم بذبح العديد من الخراف فى العام الماضى وهذا العام لارتفاع الأسعار فبدأ المواطن يقرر شراء لحوم بدلا من شراء الخروف لذبحه بسبب ارتفاع ثمنه.. ويوافقه الرأى أحمد سيد «تاجر أغنام» وأضاف أن هناك إحجامًا من المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار، وفسر ذلك بسبب ارتفاع أسعار العلف، مشيرا إلى أن سعر الكيلو فى الخراف قبل الذبح يبدأ من 35 إلى 37 جنيها مما يعنى أن الخروف من الممكن أن يتخطى سعره الـ 3 آلاف جنيه وهو ما يعجز عنه المواطن العادى الذى كان يقبل فى السنوات الماضية على شراء الخروف بسعر مناسب.
أما عبده حسنين «جزار» فيرى أن حركة الشراء متوقفة إلى حد كبير، بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، بالإضافة لتراجع دخل المواطن وكثرة متطلبات الحياه اليومية، وهو ما أدى إلى انخفاض حركه البيع عن العام الماضى، ويتوقع حسنين أنه لن يكون هناك إقبال أكبر على الشراء فى الأيام القادمة نظرا لظروف المواطنين الصعبة، وانتشار حملة مقاطعة اللحمة، والتى عرفت باسم «بلاها لحمة»، التى خسرنا بسببها كثيرا.. ويقول حسنين إن هذه الأيام هى «وش العيد» ومن الطبيعى أن تقل فيها نسبه الشراء، التى ترتفع تدريجيا كلما اقترب العيد، ولكنه يتوقع عدم زيادة نسبة الشراء والإقبال فى الأيام القادمة بشكل كبير، ويضيف أعتقد أن المواطنين سيلجئون لشراء اللحوم «المذبوحة» هذا العام بدلا من ذبح الأضحية، نظرا لارتفاع الأسعار.. ويقول «جلال الصالحى» القادم من الفيوم لبيع ما لديه من خراف، إن أسعار الخراف هذا العام لن يستطيع كثير من الناس تحمل كلفتها، حيث إن متوسط سعرها يصل إلى 2500 جنيه، وتزن حوالى 30 كيلوجرامًا، بينما سعر كيلو اللحم 85 جنيها، ويمكن للمواطن شراء حوالى 25 كيلوجرامًا من اللحم الصافى بنفس سعر الخروف.. ويشتكى الصالحى من عزوف المواطنين عن شراء اللحوم الحية، ويقول إن الحالة الاقتصادية أثرت على المواطن والسوق معا، وأيضا عطلت حركه البيع والشراء فى الأضاحى هذا العام، ويرى الصالحى أن السبب المباشر لذلك هو دخول موسم المدارس، وارتفاع أسعار اللحوم، وهو الأمر الذى انعكس سلبا على الأضاحى، ويقول: عندى أبناء ومعظمهم فى المدارس وأعرف أن معظم الأسر سيتجهون لشراء الزى المدرسى ومستلزمات الدراسة بدلا من الأضاحى، وهو ما أثر بشكل سلبى على حركة البيع مقارنة بالعام الماضى.. ويستبعد الصالحى إمكانية تحسن حركة الشراء فى الأيام القادمة قائلا: الحالة نستطيع أن نكتشفها قبل العيد بأكثر من أسبوع، وهى ضعيفة وليس هناك أمل فى التحسن.
فرجة للبسطاء
معاناتهم من الزيادات الملحوظة فى أسعار اللحوم التى دائما ما تأتى صادمة، خاصة قبيل عيد الأضحى المبارك.. يقول صفوت محمود على المعاش: أرحب بحملات مقاطعة اللحوم، لكونها أنسب الحلول للوضع الحالى، فى ظل غياب الرقابة على شراء اللحوم بعد أن وصل سعر كيلو اللحم البلدى إلى 90 جنيها، فأنا أعول أربعة عاطلين وأتقاضى معاشا لا يتعدى 700 جنيه، وأسكن فى شقة إيجارها 200 جنيه، بخلاف مصاريف المعيشة الصعبة فمن أين أشترى خروف العيد؟
بينما قال يوسف على عامل: لا نملك سوى الفرجة فقط على لحوم الأضاحى، نظرا لارتفاع أسعارها، مما يصعب شراءها، لكننى سأكتفى بشراء لحمة الرأس والكرشة والممبار، بدل ما نتحرم من اللحمة خالص، وأضاف نريد من كل جزار أن يتقى الله فى الفقراء، لأن الأسعار مرتفعة جدا بلا داعى، والزيادة طالت اللحوم المستوردة بأنواعها، وأصبحت فوق طاقة محدودى ومتوسطى الدخل، بل نعتمد الآن فى غذائنا على البقوليات بدل اللحم.
ويقول محمد جمال «موظف»، إن أسعار اللحوم هذا العام مرتفعة بشكل كبير، حيث وصل كيلو «اللحوم» إلى 80 جنيهًا، ويضيف كنت عادة أذبح أضحية كل عام، لكن هذا العام لا أعتقد أننى سأستطيع شراء أضحية بسبب ارتفاع الأسعار، وأتمنى أن يتم مراعاة المواطن الفقير خاصة فى أسعار السلع خلال الفترة القادمة.
وتقول جيهان عبد التواب «ربة منزل»، بصراحة مفيش أى استعداد لعيد الأضحى، لأن أسعار اللحوم مرتفعة جدا، خاصة أن الناس تركز على شراء اللحم فى عيد الأضحى لأنه موسم وعيد لازم كل بيت يفرح فيه، وأنا كل عام أشترى لحومًا مذبوحة، حيث لا تسمح إمكانياتى بشراء ضحية، حيث إن أسرتى اعتادت كل عام شراء لحوم فى العيد ولا نقوم بشراء أضاحى لأن أسعارها مرتفعة، ولا نستطيع تحملها، كما أن أسعار اللحوم مرتفعة أيضا حيث يصل سعر الكيلو إلي80 جنيها.
صك الأضحية
الأضحية» أو مشروع الأضاحى لمن يصعب عليهم إقامة السنة بأنفسهم، كمن لا يجدون حولهم من يوزعون عليهم لحوم الأضاحى من الفقراء والمساكين، أو من يكون سكنه غير ملائم لعملية الذبح، أو من يكون الوقت معه غير كاف لإتمامها أو من يتعذر عليه ذبح أكثر من أضحية فى مكان إقامته، وغير ذلك من الأسباب التى كثرت فى عصرنا.. وأوضح الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق فى فتوى له أن الرأى الشرعى فيما يعرف بـ«صك الأضحية» هو ضرورة الحرص على الالتزام بإقامة شعيرة الأضحية بمشاركة الأولاد والأهل كل عام قدر الاستطاعة، وإن تعذر لأى سبب بديهى يكون الرأى بجواز إقامتها «الأضحية» بأى طريقة أخرى من طرق الإقامة، إما عن طريق أشخاص، أو مؤسسات خيرية، أو بنوك مؤهلة لذلك حرصا على مصلحة الفقراء.. ونوه الدكتور على جمعة فى فتواه إلى أنه لا يجوز إعطاء الجزار من الأضحية لحوما أو جلودا أو غير ذلك نظير قيامه بأعمال الذبح أو التجهيز، وإنما يكون أجره على صاحب الأضحية.
ودعا «جمعة» جميع المواطنين إلى الحرص على عدم ترك مخلفات الأضاحى ودمائها فى الشوارع حتى لا يتسببوا فى إيذاء الناس، والحرص على وضعها فى الأماكن المخصصة لذلك حفاظا على البيئة والصحة العامة التى تعد جزءا من السلوك الملازم للمسلم فى جميع أوقاته وأفعاله بحيث نجنب الناس ما قد يصيبهم من أمراض وأوبئة، كما دعا الأجهزة المحلية إلى توفير أماكن يعلن عنها لتجميع مثل هذه المخلفات، ليتمكن الناس من أداء شعائرهم فى يسر وسهولة، وعدم ترك المواطنين فى حيرة من أمرهم. •