بداية.. أنا لست بزارع شجرة حزن فى دور وصدور كل من يدين بالإسلام دينا وبمحمد رسولا وهاديا وأمينا..ولكن لعله أول عيد أضحى يهل هلاله علينا نحن أمة الإسلام والمدافعين دوما وأبدا وحتى قيام الساعة.. عن دين الحق ..
وحق كل من يدين به.. من يوم أن أنزل سبحانه وتعالى بالحق والصدق قرآنه الكريم وقال للدنيا كلها وللبشرية جمعاء: إن الدين عند الله الإسلام.
ليصمت الشيطان وينخرس لسانه فى طول الأرض وعرضها..
ولكن شيطان هذه الأيام أيها السادة.. غير شيطان القرون الأولي.. يوم نزول القرآن فى شعاب مكة.. إنه لشيطان فاجر قادر .. له ألف ناب.. وألف ذراع.. وله فى الأرض جاه وسلطان.. وأتباع يسدون الآن عين الشمس.
ومن لا يصدق.. ما يفعله الشيطان الآن فإن الإسلام بعد أربعة عشر قرنا من نزول القرآن..
وكأن اللات والعزة ومناه يقودهم »هوبل« العظيم كبير تماثيل الجاهلية الأولى فى شعاب مكة قد ظهرت بشائرها من جديد.
أنتم تسألون وهذا حقكم: وما هو دليلك ـ يا من تريد ان تزيد أحزاننا ـ أكثر مما نحن فيه ـ أن الإسلام دين الحق والصدق.. وآخر الأديان السماوية التى نزلت على بنى الإنسان.. قد أصبح فى خطر ما بعده خطر؟
لعل أكبر خطر يواجهه الإسلام الآن ويقلق مضجع سيد الخلق فى منامه فى مسجده المطهر فى المدينة المنورة.. هو وقوع اول القبلتين المسجد الأقصى الذى »باركنا حوله« كما قال الحق عز وجل فى سورة الاسراء: سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله..
هذا المسجد الحرام الذى بارك الحق عز وجل.. حوله.. أصبح الآن أسيرا للحقد للتعصب الأعمى لحصار جند الباطل فى القدس الشريف.. يقتحمونه بنعالهم وبحقدهم وبغلهم العميق رافعين بنادق الكراهية فى وجه المصلين .. ليصبح المسجد الأقصى غريبا فى أرضه ووسط مصليه ومكبريه ورواده من المسلمين.. من أهل القدس أصحاب الأرض والديار من يوم أن خلق الله الدنيا ومن عليها.. وقد أصبحوا غرباء فى وطنهم وبلدتهم.. ومن زوارها من العرب الذين يدينون بالإسلام ويحلمون بالصلاة فى أول القبلتين وثانى الحرمين الشريفين والذى بارك الله من حوله.. وغير بعيد عنه.. وقف البراق .. تلك البغلة التى ركبها سيد الخلق فى رحلة الاسراء والمعراج..
وعلى بعد خطوات منه ترتفع قامة وساحة مسجد قبة الصخرة العظيم الذى تلمع قبته على بعد مئات الأميال.. وتعيش صورته فى عيون وقلوب كل من يدين بالإسلام.. فى كل بقاع الأرض..
..................
.................
وها هو الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين بعد أن هاله مشهد اقتحام 67 مستوطنا يهوديا من شبيبة حزب الليكود ساحة المسجد الحرام.. ودنسوه بأحذيتهم ورقهم وغنائهم والتقاط الصور داخله.. يجرى اتصالات مكثفة بكل من يملك القرار فى هذا العالم.. كل رؤساء الغرب والشرق.. يناشدهم التدخل لوقف هذه المهزلة والإسرائيليون وكأنهم يتعمدون أن يكيدوا للعرب وللمسلمين كيدا.
وها هو الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر يدعو إلى جلسة طارئة للجامعة العربية حتى تتحرك.
وها هى مصر مع كل المجموعة العربية تتحرك.. ولكن الشجب وحده أيها السادة لا يجدي.. أو بالأحرى لم يعد فى زمان البغى يجدي.. ويجب أن تعرف إسرائيل أن المسجد الأقصى وما حوله هو »خط أحمر« حقيقة لا يمكن تجاوزه أو تخطيه.
ولكن نقول لمين؟
فما كانت إسرائيل تتمادى فى غيها وبغيها وعدوانها وحمقها إلى آخر مدي!
ولا تجد من يصدها ويوقفها عند حدها.. ونحن بكل أسف لا نملك فى كثير من الأحيان.. إلا »الشجب« حتى ان العرب بحق أساتذة دول العالم فى فن »الشجب«.. وفى صناعة لوحات الشجب المزوقة المزغرفة .. ومن عنده كلام آخر فليتكم ويقول لنا.. ولعلنا نحن المخطئون!
وقد سألنى تلميذ يا دوب رايح أولى ثانوى بلغته البسيطة: لماذا يقتحم الشباب الإسرائيلى المتعصب حرمة المسجد الأقصي.. هما عاوزين منه أيه؟ ده مسجد للمسلمين وليس معبدا لليهود.. وكمان موش عاوزين أهل القدس يصلوا فيه.. يقفلوه أحسن بقي؟
قلت له: اصلهم فى إسرائيل عندهم اعتقاد راسخ أن المسجد الأقصى مبنى فوق أطلال عرش سيدنا سليمان عليه السلام.. وانهم إن آجلا أو عاجلا سوف يعثرون على عرش سليمان هذا ولأن المسجد الأقصى قد بنى فوق أطلال عرش سيدنا سليمان هذا.. ولكى يخرجوا عرش سليمان هذا .. لابد لهم من هدم المسجد الأقصى أولا ثالث الحرمين الشريفين بعد الكعبة المشرفة فى مكة المنورة ومزار الرسول الكريم فى المدينة المكرمه.. حيث يوجد قبر الرسول الكريم ومعه سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر بن الخطاب ..
سألني: طيب ألم يقم الإسرائيليون بالحفر تحت المسجد الأقصى بحثا عن عرش سليمان بعد الهدم؟
قلت له: أجل.. قاموا بحفائر كثيرة أثرت كثيرا على المكان كله.. ولكن لم تسقط المسجد الأقصي.. وكل ما عثرو عليه بقايا قصر أمير من عصر بنى أمية!
يعود يسألني: طيب وعرش سيدنا سليمان؟
قلت له: لا أثر له ولا حتى فى عقولهم هم.. ومخيلتهم هم!
..........
..........
وإذا كنا فى شريعة الإسلام وكتابه القرآن الكريم نعتقد اعتقادا جازما بأن قابيل قد قتل أخاه هابيل لأن الله تقبل زرعه بدلا منه.. بأن اشعل فى بعض شجراته النار.. على رمز القبول: فإن كثيرا من أحبار اليهود والقساوسة ورهبان المسيحية.. يقولون قولا آخر.. يقولون أن سيدنا آدم أبو الخلق اجمعين كان ينجب ـ بأمر الله طبعا ـ من أمنا حواء فى كل بطن اثنين من الذكور والاناث فى كل مرة.. ليزوج المولود الذكر للمولودة الأخرى التى ولدت بطنا لبطن.. مع ذكر آخر.. حتى لا يتزوج الأخ أخته.. أظن مفهوم.
وقال لى اصدقائى من رهبان دير الانبا مقار الصحراء الغربية: أن الله كان يزوج كل بطن من الأولاد للبطن الأخرى من الاناث ـ وكان نصيب قابيل أخت هابيل واسمها لييودا وكانت قبيحة وليست فى جمال أخت قابيل.. ولكن قابيل رفض أن يتزوج لييودا القبيحة وقتل أخاه هابيل ليتزوج من اخته ليكيما الجميلة!
يعنى نحن الآن أو معظمنا من نسل قابيل قاتل أخيه هابيل.. وتسألون: بعد ذلك كله لماذا ينتشر الشر ويتوغل الفساد ويكثر القتل وتتمدد بحور الدم فى الدنيا كلها؟
..........
..........
وإذا كان اليهود قد بغوا فى الأرض وتمادوا فى غيهم وأحاطوا المسجد الأقصى بطغيانهم وعلامات حقدهم الدفين.. فلماذا لا نصنع معهم ماصنعه مجلس مدينة صغيرة فى أقصى شمال القارة الأوروبيية فى دولة ايسلنده..عندما قرروا بالاجماع مقاطعة دولة إسرائيل وكل ما يأتى من إسرائيل وقال بيان دولة ايسلنده: نحن نقوم بكل ما فى وسعنا للضغط على حكومة إسرائيل لوقف احتلال الأراضى الفلسطينية.. ووقف شراء منتجات المصانع الإسرائيلية حتى رحيل الاحتلال الإسرائيلي؟
وتعظيم سلام فى عيد الأضحى لأيسلندة الدولة الأوروبية الصغيرة التى تقع فى بلاد البرد والجليد!
...................
...................
وقد يسأل سائل: لماذا هذه الحملة المجنونة الشعواء التى ركبت فيها إسرائيل رأسها.. ودفعت بمجموعات النصب اليهودى لاقتحام المسجد الأقصي.. والعمل على تقسيمه فى البداية بين اليهود والمسلمين.. رغم أن اسمه المسجد الأقصي.. الذى بارك الله من حوله..
والجواب: لأنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن المسجد الأقصى قد بنى فوق أطلال عرش سيدنا سليمان أو »بيت سليمان« كما تسميه التوراة وأنهم لابد يوما من أن يهدموا المسجد الأقصى حتى يظهر للدنيا بعد نحو 35 قرنا من السنين بيت سليمان أو عرش سيدنا سليمان كما يزعمون..
أفتح أمامى توراة موسي.. تعالوا نقرأ ما جاء بالنص فى الاصحاح السادس فى سفر الملوك:
وكان كلام الرب إلى سليمان قائلا: هذا البيت الذى أنت بانيه.. إن سلكت فى فرائضى وعملت أحكامى وحفظت كل وصاياى لسعدت بها.. فاننى أقيم معك كلامى الذى تكلمت به إلى داوود أبيك.. وأسكن فى وسط بنى إسرائيل.. ولا أترك شعبى إسرائيل.. لبنى سليمان البيت وأكمله وبنى حيطان البيت من الداخل بأضلاع أرز.. وبنى داخله المحراب أى قدس الأقداس.. وبنى محرابا فى وسط البيت من داخل ليضع هناك تابوت مهد الرب وكساه بذهب خالص ونبنى المدبح بأرز وغثى سليمان البيت من داخل بذهب خالص.. وسد بسلاسل ذهب قدام المحراب.. وجميع البيت غثاه بذهب إلى تمام كل البيت.. وكل المدبح الذى للمحراب عثاه بذهب..
إلى أن يصل إلي: فى السنة الرابعة أسس بيت الرب فى شهر »زيو« وفى السنة الحادية عشر فى شهر بول وهو الشهر الثانى أكمل البيت فى جميع أموره وأحكامه.. فبناه فى سبع سنين«
انتهى كلام الاصحاح السادس من سفر الملوك الأول فى توراة موسي.. بالنص..
هذا هو هيكل سيدنا سليمان أو بيت الرب كما يطلقون عليه.. وعند اليهود اعتقاد راسخ أنه موجود ـ كما يزعمون ـ تحت المسجد الأقصى الذى باركنا حوله..
وطوال حقبة من الزمن تزيد على نصف قرن.. تحاول إسرائيل فى الخفاء وفى العلن الآن.. أن تحفر أسفل جدران المسجد الأقصى بحثا عن هيكل سيدنا سليمان المزعوم أو بيت الرب كما يزعمون..
من هنا تنطلق تلك الحملة المجنونة التى لا تهدأ ساعة من نهار أو ليل فى اقتحام »المتعصبين التوراتين« من اليهود للمسجد الأقصي.. ومحاولة تقسيمه الآن فى »الوقت« بين المسلمين واليهود.. يعنى ساعات لهم وساعات لنا.. وغدا تقسيم فى المكان.. يعنى احنا ناخد نصه وهما ياخدوا نصه حاجة تضحك.. لا.. حاجة تبكي.. يا خبر أسود يا عالم!
وللذين يعلمون والذين لا يعلمون.. فإن الاسرائيليين المتعصبين لم يكفوا سنة واحدة ولا يوما واحدا عن الحفر تحت المسجد الأقصى الذى يمكن أن يسقط فى أى لحظة.. نتيجة أعمال الحفر هذه التى لا تهدأ بحثا عن عرش سيدنا سليمان.. ونسوا أو تناسوا أن عمنا نبوخذ نصرملك بابل قد حمله معه عندما دخل القدس غازيا مرتين.. فيما يسمى »السبى الأول« وفيما يسمى »السبى الثاني« وحمله معه إلى بلاده: العرش والتابوت والأسري.. ولا وجود لعرش سليمان الذى أصبح سرابا أو وهما أو مجرد صفحة من صفحات كتاب التاريخ.. وحكاية من حكايات ستى الحاجة!{