فى 12 يونيو 67 أعلن المسئولون الإسرائيليون صراحة عدم استعدادهم للتخلى عن جميع الأراضى التى استولوا عليها ، وبعد هزيمتهم فى حرب أكتوبر أدركت إسرائيل وحليفتها الأكبر أمريكا أن القصة ليست فى احتلال الأرض، ولكن ما احتلته ستقيم حوله حدودا آمنة إما بمعاهدات مع أطراف على نفس القدر من القوة ،أو كيانات مهلهلة لاتجرؤ على الوقوف أمامها أو مهاجمتها وقد أخذت إسرائيل بالحل الثانى وأصبحت الآن حدودها ناحية الفرات ثمرة يانعة تنتظر السقوط فى يدها ، أما على الجانب الغربى فيتم الآن هلهلة بقية الحدود من ناحية ليبيا بعد أن سبقتها السودان بالتقسيم وزرع الفتن الطائفية بين الشمال والجنوب والشمال والشمال .
لم يتبق على اكتمال الخريطة سوى الجائزة الكبرى مصر التى استعصت ومازالت على السقوط رغم كل ما فعلته وتفعله كل من أمريكا وإسرائيل من محاولات لزعزعة استقرارها ،وتلوح الفرصة بل ترقص أمام الكيان السرطانى لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم قبل أن تفيق مصر من ظروفها الاقتصادية الصعبة ومن الإرهاب الذى زرعته أمريكا وإسرائيل حول حدود ها ، ورغم أن إسرائيل منذ قيامها تتبنى عقيدة أمنية ترتكز على امتلاك القوة المتفوقة اقتصاديا وعسكريا ، وتجنيد أفضل العناصر من أجل الأمن وبناء الدولة وضمان أغلبية يهودية والحفاظ على علاقات قوية مع دولة عظمى والحصول دائما على دعمها ومساندتها وهو ما تحقق لها على طول عمرها منذ قيامها فى عام 1948، ورغم ما تحقق لها من أمان فى البيئة الإستراتيجية المحيطة بها من تفكك سوريا والعراق واتفاق سلام مع مصر مستقر كما تقف الأردن باتفاقية سلام مع إسرائيل كحاجز يحول دون تهديد يقدم من الشرق ،فإنه يهددها الآن خطران - حسب التحليل الذى نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية لتشاك برايلخ النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى هما نزع الشرعية عنها نتيجة تكرار الإدانات الدولية حتى يجىء اليوم، الذى يحاكمها فيه العالم عن ممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل ، ويرى بعض المحللين انسداد الأفق أمام هذا الحل بزعم أن أمريكا الراعى الرسمى لها ما زالت تهيمن على النظام الدولى وبالتالى لن تسمح بمحاكمة إسرائيل ، ولكنى أرى أن أضواء فى النفق المظلم سطعت كان أولها يوم وافقت غالبية دول الأمم المتحدة على قبول فلسطين كمراقب فى المنظمة العالمية منذ ثلاثة أعوام، وثانيها يوم أن رفرف العلم الفلسطينى فوق مبنى الأمم المتحدة بنيويورك منذ أيام ، وما سينير النفق ويفتح باب الأمل فى نزع الشرعية عن إسرائيل بحق ويكشف عن عنصريتها وتوحشها فهو انضمام فلسطين للمحكمة الدولية الجنائية ويومها سنحاسب إسرائيل على ما اقترفته فى حق فلسطين وربما يجىء اليوم الذى نحاسب أمريكا أيضا على ما فعلته فى حق منطقتنا العربية كلها .
أما ثانى الأخطار التى تهدد الوجود الإسرائيلى فهو من صنع الله الذى حبا المرأة الفلسطينية بخصوبة هى الأعلى فى العالم وهو ما يرعب الكيان الغاصب من التفوق العددى للسكان الفلسطينيين ، فاعتبروا يا أولى الألباب ،أم ترانا نحاول إسماع من به صمم.