ما المانع أن يأتي رئيس الجامعة ومعه الطلاب الفائزين من الجامعة كل في تخصصه. ويصعد رئيس الجامعة إلي المسرح ومعه الطلاب الذين فازوا. وكل طالب يتسلم جائزته بنفسه
شاركت الزميلة والصديقة الروائية: هالة البدري. والصديق المثقف وكاتب السيناريو: محمد السيد عيد، في لجنة تقييم القصص القصيرة المقدمة في مسابقة شباب الجامعات لهذا العام. بالنسبة لي لم تكن المرة الأولي. فقد سبق أن شاركت في مسابقة العام قبل الماضي بالأقصر. والعام الماضي بالإسكندرية.
والجديد الذي تقدمه مسابقة وزارة الشباب أننا لا نقرأ النص فقط. ولكن بعد اختيار الفائزين من شباب الجامعات يتم لقاؤهم وجهاً لوجه ومناقشتهم والاستماع لوجهات نظرهم وقراءاتهم السابقة وتصورهم لعملية الكتابة. أن هذا اللقاء لا يقل أهمية عن قراءة النصوص المقدمة للمسابقة. فهو يخلق انطباعات شخصية ويجمع بين الكتابة وكاتبها. ولا يظل الكاتب الشاب مجهولاً بالنسبة للمحكم. وأيضاً فإن الشاب يلتقي بكتاب. ويستمع رأيهم. ويجيب علي أسئلتهم. ومثل هذا التواصل أكثر من مهم.
وهو جهد جميل تقوم به وزارة الشباب. والمسئولة عنه هي الدكتورة: أمل جمال الدين سليمان. وقد حباها الله موهبة الاهتمام بالتفاصيل. وعدم ترك أي شئ للصدفة. يقف وراء هذا النشاط كله المهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة. الذي جعل من الثقافة هماً حقيقياً له. وتلعب وزارته دوراً مهماً في الاهتمام بشباب مصر. الذين كنا نقول عنهم في ستينيات القرن الماضي: نصف الحاضر وكل المستقبل.
لكن هذا الجهد لا يمنع من وجود بعض الملاحظات التي تكررت عبر سنوات ثلاث. وأولها أن طالب الجامعة الذي تتقدم بنص أدبي لجامعته لا يرسل للمحكمين فوراً. لكنه يخضع لعملية غربلة في الجامعة نفسها. ولا أعرف من الذي يقوم بهذه الغربلة؟ هل هم أساتذة كليات الآداب في الجامعة؟ أم يقوم بها المسئول عن النشاط الثقافي في الجامعة؟ وربما كان موظفاً.
باختصار لا يطمئن قلبي لعملية الغربلة التي تتم. وأخشي ما أخشاه أن يتعرض أحد أصحاب النصوص لظلم. وربما يستبعد نص لم يكن يجب استبعاده. ولست أدري ما المانع في أن تصل للمحكمين من الخبراء والمختصين كل النصوص التي قدمت ويترك لهم فكرة غربلتها. خصوصاً أن المحكمين غرباء عن الجامعة. فضلاً عن تخصصهم. وبالتالي فإن تصوراتهم قد تكون أقرب إلي المنطق من غربلة المسئولين في الجامعة. وإن كانت النصوص كثيرة. فيمكن أن يكون التحكيم علي مرحلتين. مرحلة للغربلة. ومرحلة لتحديد الجوائز للفائزين.
الأمر الثاني عند توزيع الجوائز. فإن الذي يتسلم الجائزة من الوزير خالد عبد العزيز، رئيس الجامعة التي ينتمي إليها الطالب. رأيت هذا بنفسي في احتفال ضخم بالمسرح الكبير بوزارة الشباب والرياضة. ليس لي أي اعتراض علي حضور رئيس الجامعة. لكني معترض علي أن يتسلم الجائزة. لأن تسلم الشاب لها مسألة شديدة الأهمية بالنسبة لحياته ومستقبله. بل ربما كانت لحظة تسلم الجائزة تشكل شهادة ميلاد أدبية له.
ما المانع أن يأتي رئيس الجامعة - إن كان هناك إصرار عليه - ومعه الطلاب الفائزين من الجامعة كل في تخصصه. ويصعد رئيس الجامعة إلي المسرح ومعه الطلاب الذين فازوا. وكل طالب يتسلم جائزته بنفسه. ويا حبذا لو كانت لديه كلمة يقولها. إن هذا مهم جداً حتي يدرك الشاب أهمية أن يمسك بالقلم ويكتب.
تبقي ملاحظتي الأخيرة علي مسابقة هذا العام. خاصة في المسابقات الرياضية. أن هناك مسابقات للطالبات ومسابقات للطلبة. وقد امتد هذا إلي مسابقات أخري في الغناء والكتابة. توجد حالة فصل تامة بين الطالب والطالبة. وأعتقد مهما كانت المبررات لمثل هذا الموقف. فإن ضرره أكثر من فائدته. هذا إن كانت له فائدة من الأصل والأساس.
إن هذا الفصل التعسفي بين الطالب والطالبة يعزز الانقسام بينهما. ولا يوفر لهما فرص التعارف في ظل مناخ صحي في مثل هذه المسابقة. حيث يحضر المتسابقون من كل جامعات مصر. ويقيمون في مكان واحد طوال فترة المسابقة. وهذا التعامل اليومي نحن في أمس الحاجة إليه لكي نصل لمجتمع صحي ينظر الشاب للشابة علي أنها كائن غريب عليه. يتعامل معه بحذر. وأيضاً فإن الطالبة تخاف من الطالب وتتصور أنه يمكن أن يسبب لها ضرراً ما.
لا تنسوا أيها السادة أن الشاب الذي يتعامل بشكل طبيعي وفي ظل مناخ صحي مع الشابة يصبح سوياً أكثر من غيره. وكلاهما معاً - الشاب والشابة - يمكن أن يشكلا حائط صد ضد كل دعاوي التطرف والإرهاب. والفصل بينهما يخلق بيئة حاضنة للمتطرف والإرهابي.
فالفتاة التي تُعزل عن الشاب. والشاب الذي يُعزل عن الفتاة. لمجرد أن الأولي فتاة والثاني شاب. يخرجان إلي الحياة بنفسية تحتاج إلي مران وتدريب عند تعامل كل جنس مع الجنس الآخر.