الجمهورية
عبد الحليم رفاعى حجازى
ما أحوجنا إلي العمل
مع عودتنا اليوم جميعاً إلي أعمالنا في المدارس والجامعات وعمالاً في المصانع وموظفين في الدواوين والمصالح الحكومية وفي كافة مواقع العمل ما أحوجنا أن نلتزم بتعاليم ديننا.
إن الدين الإسلامي لا يعرف المسلم إلا كادحاً عاملاً مؤدياً دوره في الحياة آخذاً منها.. معطياً لها.. ومستجيباً لما أراده الله من بني آدم حين جعلهم خلفاء الأرض "هو أنشأكم من الأرض واستعمرك فيها" "هود 61" أي ابتدأ خلقكم منها.. وجعلكم عماراً تعمرونها وتستغلونها.
وهكذا يكون الأمل.. ويكون العمل.. ويكون الاقتداء بالرسول الباني "صلي الله عليه وسلم" حيث يحث علي العمل لتعمير الأرض.. وغرس ما في أيدي الناس من فسائل تثمر حين يشاء الله لها.. وإنما علي الناس فقط ان يغرسوها.. ويمضوا إلي غيرها يغرسونه في مكان جديد.. بل ويقتدون به أيضاً: فيغرسون ما يغرسون من نبتات الخير في كل مكان وهم يتجهون إلي الله وحده.. وإلي الآخرة.. لا تدفعهم مطامع الأرض المنبتة: عن طريق الله.. ولا شهوات النفس المنبتة: عن تقوي الله.
إن الأمر الضروري ان يتم التفاؤل بحق وحقيق وظاهره الرحمة وباطنه القدوة والاقتداء وبخاصة ان التفاؤل هو الربيع الذي تنتعش فيه الملكات والقدرات الإنسانية.. فتعمل في غبطة وابتهاج ومن ثم فقد ارتفع التفاؤل في وعي الرسول وشرعته إلي منزلة العبادة والقربات.. وانه ليخبرن ان الله لا يريد عباده إلا متفائلين دائماً فيقول "قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيراً فله وأن ظن شراً فله".
وهكذا يتأكد لنا أن جوهر هذا التفاؤل عند رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم يتمثل في الارتباط الوثيق والصالح والمتهلل بكل مسئوليات الحياة وهنا نراه يقول فيما يروي عن أحمد والبخاري:
"... إذا قامت الساعة ويبدأ أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتي يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر" إن هذا الحديث العظيم يمثل التعبير النهائي لقضية التفاؤل كلها.. فحتي أحوال القيامة التي لا يشبهها أحوال لا ينبغي أن تسلب المرء تفاؤل روحه وسكينة نفسه وإقباله المغتبط علي العمل.
مع ملاحظة ان الرسول الكريم كان يغرس الفسيلة وهو ما يدري ما يكون بعد لحظات: قد تأتمر به قريش فتقتله.. قد يهلك جوعاً في الشعب هو ومن معه من المؤمنين.. قد يلحق له الكفار وهو في طريقه إلي الغار فلا يكون ثمة غد.. أو تكون القيامة بعد لحظة: ومع ذلك يغرس الفسيلة ويتعهدها بالرعاية حتي يؤذن الله بالثمار وهو مطمئن دائماً إلي الله ما يؤدي الواجب المطلوب.
وهكذا تكون القدوة.. ويكون المثل الذي يحتدي: من كان في يده فسيلة فليغرسها.. فله بذلك أجر ثم لا يسأل نفسه كيف تنمو وحولها الرياح والأعاصير؟؟ لا يسأل نفسه.. فليس ذلك شأنه.. وليدع ذلك الله ولتطب نفسه أنه أودعها مكانها الحق.. وعهد بها إلي الحق.. الذي يرعاها ويرعاه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف