الوطن
كمال زاخر
معركة الرئيس
يحكى أن جحا، وقد ضاق صدره بملاحقة الأطفال والصبية التفت إليهم، وأشار إلى بناية قريبة بأن بها وليمة، فانطلق الأطفال إليها، لحظات، وحدّث جحا نفسه يبدو أن هناك وليمة حقاً، وانطلق فى أثرهم حتى يلحقها، وهى بنت خياله. هكذا يتعامل البعض مع أحداث الساعة، يبتدعون سيناريو، ثم يصدقونه ويبنون عليه تصورات ونتائج، يلقونها فى فضاء العالم الافتراضى، لتتوالى موجات التحليل إضافة وتجويداً، وهى ليست كلها بريئة.

ظنى أنها معركتهم الأخيرة لمنع الانتقال من الثورة إلى الدولة، وفق خارطة الطريق وقد اقتربنا من استكمال استحقاقها الأخير، انتخاب البرلمان.

كان الرئيس السيسى قد أشار فى جملة عابرة إلى أن النوايا الحسنة وحدها لا تصنع دستوراً، ليلتقطها البعض وينسجوا حولها حكايات، ويروجوا أنها إشارة إلى توجه لتعديل الدستور، يعيد للرئيس صلاحيات الدساتير السابقة، ويحد من صلاحيات البرلمان، وتفتح الباب لمد ولاية الرئيس فى إعادة إنتاج لعهدى السادات ومبارك.

لم يكن الأمر مجرد إعمال للخيال، بل هو جزء من معارك تكسير العظام التى تخوضها التيارات المناوئة للثورة وحراك الخروج من النفق، فاستحضروا الخبرات المؤلمة التى تختزنها الذاكرة الشعبية من الأنظمة السابقة، وأسقطوا عن عمد أن المناخ قد تغير، والأجيال أيضاً، جراء الانتقال من تداعيات الثورة الصناعية إلى معطيات ثورات المعلومات والمعرفة والاتصالات، وأسقطوا أيضاً مصداقية الرئيس السيسى وجديته، والتى اختبرت فى أكثر من موقف ومنعطف، والذى استطاع فى ظروف عاتية أن يحفظ للوطن توازنه، ولم يتورط فيما يجرفه إلى صراعات إقليمية، وقاد معركة التنمية بمشروعات قومية فارقة لعل أبرزها قناة السويس التى أعادت اكتشاف المد الوطنى لدى الشارع المصرى.

وتناسوا أن الدستور وازن بين السلطات الثلاث بشكل واضح، واستطاع أن يمنع تغول إحداها على غيرها، وأعطى للشعب، مصدر السلطات، القول الفصل فى أى نزاع ينشب بينها، من خلال آلية الاستفتاء، بل وأسند إدارة الاستفتاء إلى هيئة مستقلة لا تخضع للسلطة التنفيذية أو البرلمان، وحدد ضوابط تعديل الدستور وهو ما نراه فى نصوص دستورية محددة وقاطعة، أوردها بغير تعليق، ففيها الكفاية:

مادة 137 لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل.

مادة 161 يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثى أعضائه، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة، يُعفى رئيس الجمهورية من منصبه، ويُعد منصب رئيس الجمهورية خالياً، وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض، عُد مجلس النواب منحلاً، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد للنواب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الحل.

مادة 208 الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة، تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، ومادة 226 لرئيس الجمهورية، أو لخمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد، وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كلياً، أو جزئياً بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى. وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه.

انتبهوا أيها السادة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف