«إن كنت كذوباً فكن ذكوراً» هكذا قالت الحكمة القديمة لإفهام من ماتت ضمائرهم أن الكذب الدائم يحتاج ذاكرة حية كى تدرك ما قلته وفعلته فى السابق، فتقول وتفعل ما يتسق معه فى الحاضر والمستقبل وإلا افتضح أمرك. حكمة أهديها لرئيس حزب الوسط أبوالعلا ماضى حتى لا يمطرنا بتصريحات تخالف ما شهدناه منه ومن حزبه. ويخرج علينا ببيانات تدعى البراءة من كل جرم وتبرر ما ارتكب من ذنوب فى حق مصر وأهلها.
هكذا تابعت بيان حزب الوسط لصاحبه ومؤسسه أبوالعلا ماضى ربيب الإخوان مُدعى الانشقاق عنهم هو ورفيق دربه عصام سلطان، الذى أصدره مؤخراً معلناً مقاطعته الانتخابات البرلمانية المقبلة بأى شكل من الأشكال؟! لافتاً إلى إعادة تشكيل هيئته العليا من جديد، وقبول اعتذار أعضائه الموجودين بالخارج، وعلى رأسهم محمد محسوب نائب رئيس الحزب، وحاتم عزام، نائب رئيس الحزب للعلاقات الخارجية. ليس هذا فحسب بل أعلن أبوالعلا ماضى مدنية حزبه منذ الدعوة لتأسيسه عام 1996 وحتى الحصول على ترخيص إنشائه عام 2011 وأنه لا علاقة له بالإخوان لا من قريب ولا من بعيد!
ثم كان التصريح الأكثر عجباً حينما أعلن تمسكه بالسلمية فى العملية السياسية وإدانته لكل أشكال العنف والتزام القانون والدستور؟!! وأن موقف الحزب من تأييد محمد مرسى كان نابعاً من كونه أول رئيس منتخب لا لكونه من الإخوان؟! وهو ما انطلقت منه سياسات الحزب وقتها؟!!
اندهشت وأنا أقرأ بيان حزب «ماضى»، المُجيد دوماً للتلاعب بالمعانى فكان له من اسمه نصيب كبير. فتعجبت من مقدرته الفريدة على التعامل مع عقولنا وكأن مسحاً أو مسخاً قد أصابها، فنسيت فعله وقوله على مدار السنين الماضية حتى ما سبق منها ثورة يناير 2011 حين ركب الإخوان الوطن وناسه وظنوا أن مصر وشعبها قد دانوا لهم.
وأُذكر أبوالعلا ماضى بماضيه إن نسيه حتى لا يحدثنى عن عدم ارتباطه وحزبه بالإخوان وأسأله: وماذا عن التمويل الذى كان يدفعه خيرت الشاطر للحزب وبسببه حدثت انشقاقات عديدة داخل صفوف الحزب عام 2011؟ وعن أى قيم تتحدث يا سيد أبوالعلا ومواقف انطلقت منها ثوابت الحزب فى تأييده للإخوان، بينما جاءت استقالة محمد محسوب من الحكومة فى عام 2013 بعد أن أخل الإخوان بالاتفاق بينكما فى منحك فرصة تشكيل الوزارة مقابل تأييد دستورهم الجائر؟ ودعنى أسألك مجدداً: ما هى بواعث تأييدك لهم فى 2011 وما بعدها، وأنت من قلت عنهم فى عام 2010 فى ندوة أدارها أحمد المسلمانى إنهم جماعة عنف مسلحة لا تعرف السلمية وهو حديث مسجل لك ومنشور فى كل الصحف؟ فكيف تؤيد وحزبك جماعة عنف مسلح إلا إذا كنت منهم ترتدى فقط قناع الحملان؟ ثم من أى منطلق تعلن رفضك للعنف واللاسلمية فى العملية السياسية، وقد كنت وحزبك ورموزه من المؤيدين لكل حالة مارسها الإخوان لتفتيت وتقسيم المصريين؟ وأذكرك بصورتك وعصام العريان على خشبة المسرح المعد لخطاب «مرسى» أمام الاتحادية والخاص بالحارة المزنوقة حينما خاطبتم أهلكم وعشيرتكم. وأذكرك بوجودكم فى ساحة رابعة ورفضكم لأى مفاوضات لإخلائها بشهادة من حضروا وتواصلوا. ثم ألم تعلم بما يفعله أعضاء حزبك ممن ذكرت قبولك اعتذارهم وأعنى حاتم عزام ومحمد محسوب؟ دعنى أخبرك أنهم يقودون حملة شعواء ضد مصر فى جميع المنظمات الدولية التى يطوفون عليها ولا يعرفون كيف تخرج مصر آمنة من كل ما يفعلون. ولكل ما سبق أقولها لك ولغيرك ممن يشبهك القول والفعل: ارحم عقولنا، وامنح نفسك بعضاً من وقت لاسترجاع ما قلت وفعلت فى الماضى، لتفعل وتقول ما يتسق معه فى الحاضر.