عندما ينحنى بابا الفاتيكان فرانسيس ليقبل يد عميد عائلة روتشيلد أصحاب البنك الدولى اليهودى الأصل فإن هذه الصورة الصادمة أكبر دليل على أن من يحكم العالم اليوم ليس الدين ولا رجاله ولا الساسة ولا الأحزاب ولا الأخلاق ولا الأمم المتحدة ولا حقوق الإنسان ولا كل الشعارات الكاذبة الخادعة عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة وحق التعبير وحق الحياة والتعليم والصحة والتنمية المستدامة، وإنما من يحكم العالم من المسجد الأقصى إلى بابوية الفاتيكان وشوارع وول ستريت هو المال أو ما سمى بعجل الذهب ذى الخوار والذى بناه يهود موسى عليه السلام من غاب فى الجبل وعاد ليجد أهله وقومه قد أقاموا ذلك العجل من الذهب أو من أموالهم التى خرجوا بها من مصر هروبًا من فرعون وفى صحراء سيناء حطوا الرحال وعبدوا ذلك العجل الذهبى من دون الله بعد أن نجاهم من فرعون وجنوده ومع هذا فإن العجل الذهبى الذى حطمه موسى وتشاجر بسببه مع أخيه هارون عليه السلام وبسببه كتب التيه والشتات على بنى إسرائيل، هذا العجل هو المحرك الأول والأخير لدراما العالم الجديد بقيادة الصهيونية العالمية المتحكمة فى كل منظمات العالم الدولية والمدنية وعلى رأسها الأمم المتحدة والبنك الدولى والبورصة والبترول والإعلام.
فى ذات السياق الذى يتحكم فيه العجل الذهبى فى مقدرات البشر باسم الدين والسياسة والإعلام نجد أننا لا نبعد كثيرًا عن سيناريو وحوار الدراما الهزلية الدولية فالانتخابات البرلمانية القادمة تؤكد أهمية العجل الذهبى والذى بدونه لا قبول فى حلبة الصراع الانتخابى المتحكم فيه المال والحساب البنكى ومصروفات الرشوة الانتخابية والدعاية والإعلان والمؤتمرات والوعود والقدرة على شراء الأصوات من الفقراء والبسطاء بكل الوسائل.
والطرق والحيل التى وإن ظهرت بمظهر السياسة أو الدين إلا أن الغاية دائماً هى الربح والمال وما سوف يقدمه سيادة النائب لأهل دائرته الانتخابية من رخاء ودعم وهدايا ومرتبات وارتفاع فى الدخل ووظائف وتموين وسكن ومواصلات.. إذاً العجل الذهبى يسيطر على الانتخابات القادمة ويحدد من سوف يكسب السباق ومن سوف يدخل البرلمان ليمنح المواطن المقابل المادى المطلوب والمأمول والمرجو من المواطنين فهذا هو همهم وشغلهم اللحظة وليس الغد.
سيادة النائب فى جميع برامجه وإن وجد، أو فى جميع اعلاناته ودعايته للترشح بطلب ود المواطن ويرغبه ويقدم له الجزرة والجاتوه والسوفالدى مع الزيت والسكر والأوراق النقدية ويؤكد على مجانية التعليم والعلاج والدعم التموينى والوظائف الحكومية المضمونة والسكن المدعم ولكأن المواطن طفل صغير ينتظر من الحكومة لسيادة النائب المصروف والأكل والشرب والملبس والتعليم والعلاج دون أن يقدم هو ذاته أى بادرة أو يبين أمارة على أنه شريك فى الحكم وفى الحياة.. السادة النواب مثلهم مثل الوزراء أصبحوا يخشون المواطن فيتعاملون معه بمنطق الأب والطفل المشاغب الشارد ولم نجد أى برنامج انتخابى يشارك المواطن الحقوق والواجبات ويتعرض إلى أكبر واخطر اربع مشكلات تواجهه المجتمع المصرى وخطواته نحو التنمية والاقتصاد المستقل الذى لا يخضع إلى صندوق النقد الدولى ولا إلى البنك الدولى ولا إلى المعونات والهبات والصدقات.
أولاً: مشكلة الانفجار السكانى وخطورتها على كل الاصلاحات التنموية والاقتصادية لانها تلتهم الدخل القومى وتستنزف كل مقدرات الدولة وامكاناتها خاصة ان تلك الزيادة السكانية غير مستغلة وعاطلة بالقصد، فلقد أصبح المصريون شعباً لا يريد العمل وإنما يعتمد على الشحاتة والفهلوة والشطارة لان نظام التعليم والدعم يشجع على أن يتحول المصرى إلى مستهلك وإلى جاهل لا يتقن أى حرفة أو مهنة كما أنه يفضل العمل السهل السريع المكسب على التعب والعرق والإصرار.. إلا فيما ندر من المصريين الذين مازالوا يكدون ويعرقون فى الحقل وفى العمل ليقودوا بقية الكسالى والمتواكلين وينعموهم.
ومن ثم فإن المشكلة السكانية خطيرة وإن لم يقدم أي نائب أو أي حزب حلولاً فعالة وممكنة للتغلب عليها فإن هذا النائب وبرنامج الحزب ما هو إلا جزء من دغدغة مشاعر الجماهير للحصول علي مقعد برلماني وليس من أجل اصلاح وتطوير وتنمية الاقتصاد والمجتمع المصارحة والمكاشفة والدواء المر للعلاج.
ثانياً: قضية الدعم وهو لا يتفضل علي الزيادة السكانية والسلوك والجهل والبطالة حيث ليس من الحق والعدل أن يدفع من يعمل ويشقي لمن لا يعمل ولا يريد أن يتعلم أو يتعب بل ويعتبر أن ما يحصل عليه من دعم مادي أو تمويني أو عيني أو تعليم مجاني أو علاج حق مكتسب وهو لا يقدم أي شيء لهذا الوطن ولا ينتج ولا يريد أن يشارك وإنما يتصور أن من حقه أن ينجب عشرة أبناء ويعلم من يريد ويسرح من يريد في الشارع للبطالة وللبلطجة أو للزواج ويلعن الحكومة والبلد والأغنياء الذين يمنعونه أقل القليل بينما هو يستحق أن يسكن ويأكل ويشرب ويستمتع ويتعالج علي حساب هؤلاء الكادحين العاملين وحكومتهم.
ثالثا: قضية التعليم وهي الضلع الأهم والأخطر في مثلث الرعب المجتمعي الاقتصادي لأن التعليم كما نري ونعلم جميعاً قد تحول إلي نفاق مجتمعي واستنزاف اقتصادي، لأنه ليس مجانيا ولأنه يعتمد علي المعلومة المختصرة وعلي الغش والخداع وعلي الشهادة التي هي مجرد ورقة تمنحها الدولة حتي تتخلص من تبعات المسئولية نحو الشباب وحتي تؤكد أنها تقدم تعليما سواء أساسيا أو جامعيا لدرجة أن من يحملون درجات الماجستير ذنبهم في رقبة من منحهم تلك الدرجات فهم لا يتقنون علماً ولا حرفة ولا يقدمون علما وإنتاجا لوطنهم ومع هذا يقفون وقفات احتجاجية يطلبون التعيين الميري!! في الحكومة يعني!!..
رابعاً وأخيراً: مشكلة الصحة والعلاج والكادر الطبي والمستشفيات الحكومية والعلاج الخاص ومافيا المستشفيات والدواء والتأمين الصحي والعلاج علي نفقة الدولة وخريجي كليات الطب في الأقاليم والدرجات العلمية ومستوي الطبيب المصري عالميا ودوليا ولا نتحدث علي الاستثناء وإنما عن القاعدة وعن النظام الصحي والطبي والعلاجي في مصر الذي يتدهور وينحدر دون أي إصلاح، تلك هي بعض من مشكلات لن يطرحها أي نائب ولا أي برنامج حزبي ولن يجازف أي مرشح أو وزير يفتح تلك الملفات بصدق وصراحة ومسئولية ليطلب من المواطن المشاركة في كتابة مستقبل وطن لا يخضع لإرهاب أو لاستعمار أو لاستغلال ودين خارجي وداخلى.
العجل الذهبى يحكم العالم داخليا وخارجيا.. وأخشي أن نضيع في التيه.. ولا نعود للطريق الصواب.