عباس الطرابيلى
أصابع إيران.. ومأساة الحجاج
أكاد أرى أصابع إيران فيما جرى للحجاج فى مشعر منى.. أقول ذلك رغم أن التحقيقات التى تجريها السلطات السعودية لم تنته بعد.. ولكن «سوابق» أفعال إيران فى مواسم الحج العديدة السابقة تشير إلى أن إيران تتعمد استخدام ألاعيب السياسة حتى فى أمور الدين.. والحج فى المقدمة.
وبسبب هذه الأساليب الإيرانية، اضطرت السعودية إلى إصدار التحذيرات من استخدام السياسة خلال مواسم الحج.. نقول ذلك أن طهران ومنذ ثورة آيات الله عام 1979 وإعلانها صراحة عن تصديرها هذه الثورة وأفكارها غربًا، أى إلى السعودية ودول الخليج تتعمد «اللعب» وبالذات فى مواسم الحج.. سواء بتوزيع المنشورات بين حجاج الدول الإسلامية أو إلقاء الخطب وسط تجمعاتهم.. ولكن أيضا لا نستبعد أصابع طهران فيما جرى - فى السابق - وأيضا فى موسم حج هذا العام.. ذلك أن إيران تستغل كل حدث، وأى حدث، لتعكير صفو الأمن السعودى والإساءة إلى ما تتخده السعودية من إجراءات لتنظيم خطوات الحج، فإذا لم تجد ثغرات، اصطنعت هى هذه الثغرات.. ولهذا شددت السلطات السعودية تعاملها - مع من يحاول تعكير صفو انسيابية الحجيج، الذين تصفهم المملكة بأفضل تعبير هو «ضيوف الرحمن».
<< وهنا لا أحد يلوم السعودية فيما تتخذه من إجراءات لمنع دخول أى محظورات خلال موسم الحج.. حتى ولو كان ذلك داخل دعاء مطبوع فى كتيب يدعو لفكرة ما.. أو يحرض على سلوك ما.. وإيران لا تستخدم حجاجها فقط بل تلجأ إلى تجنيد بعض حجاج باكستان وبنجلاديش لتنفيذ بعض مخططاتها.. بل وتستغل كذلك بعض الإيرانيين الذين يعملون ويعيشون فى دول الخليج لنشر أفكارها.. وهى لا تبخل من أجل ذلك، بأى أموال.
وهنا نتذكر أصابع إيران التى تعبث فى المنطقة وهدفها محاصرة السعودية، فهى تلعب فى المنطقة الشرقية من المملكة، حيث تتواجد نسبة من الشيعة هناك.. تماما كما تعبث بجنوب المملكة بدعمها للحوثيين.. فى اليمن.. أى تحاول إيران اللعب جنوب المملكة وإغلاق باب المندب للسيطرة على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر.. كما تعبث إيران فى سوريا.. أى هى تبحث عن منفذ لها ولأفكارها على البحر الأحمر جنوبا. ومنفذ آخر على البحر المتوسط بلعبتها المكشوفة فى سوريا.. والخوف كله ما سوف يتبع الاتفاق الإيرانى - الغربى حول المفاعلات النووية وقرب الافراج عن الأموال الإيرانية فى بنوك الغرب، وهى بالمليارات وما يمكن أن تستخدمها طهران لتوجيه ضربات أخرى ضد السعودية وضد دول الخليج.
<< ولكن أن تستغل طهران مأساة حادث منى للحجاج للحديث عن تقصير سعودى فى تأمين الحجيج.. ونجد أن ادعاءات طهران هنا تتحرك من نفس التحرك التركى.. بل والقطرى.. هنا نتساءل: من يجمع الشامى على المغربى.. أم هو حلم ضرب السعودية باستغلال ماسأة الحجاج فهذا أمر متوقع من طهران.. ولكنه غير متوقع من قطر.. أو من تركيا!! فهذا هو محمد على شاهين نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركى يدعى أن بلاده يمكنها أن تنظم الحج بشكل أفضل من السعودية فهذا قول مردود عليه بأن يعرف الناس كم تنفق المملكة لتسهيل أداء الحجاج لفريضة الحج.. وهو ما لا تستطيعه تركيا أو غيرها.. ولكن اللافت للنظر هو ما يقوله ويدعيه الرئيس الإيرانى حسن روحانى ويصل كلامه - أمام الأمم المتحدة - إلى المطالبة بإجراء تحقيق فى أسباب الحادث.
<< ورغم أن عادل الجبير وزير الخارجية السعودى اتهم إيران بإقحام السياسة فى هذه المأساة.. فإن الإعلام الإيرانى مستمر فى هجومه على ما حدث، حتى دون أن تنتهى التحقيقات التى أمر الملك سلمان خادم الحرمين بإجرائها.. وهذا يدل على أن طهران تحاول دائمًا الصيد فى أى ماء عكر.. مهما كان صغيرًا أو كبيرًا.. ولمن يتابع صفحات التواصل الاجتماعى يجد اتهامات مباشرة لإيران بأنها هى المدبرة الرئيسية للحادث لإحراج السلطات السعودية.
<< وكل ما تدعيه إيران وتركيا - وغيرهما - من عجز السعودية عن تأمين ضيوف الرحمن إنما هو تدخل فى أمور وسلطات السعودية وهو استباق لما سيسفر عنه أى تحقيق.. واتعجب من اقتراح آية الله إمامى كاشانى خطيب الجمعة الإيرانى من أنه يقترح على الدول الإسلامية أن تلجأ لمنظمة التعاون الإسلامى لإدارة أمور الحج والحجيج إنما هو تدخل مرفوض فى شئون المملكة فالكل يعلم أن السعودية لم تقصر ولم تبخل بمال أو جهد من أجل تحسين خدمة الحجيج وتأمين تأديتهم لهذه الفريضة الإسلامية الكبرى.
<< ويبقى أن نقول إن السبب الأول لهذه الفاجعة - وقد أديت الفريضة مرات عديدة من عام 1975 - هو طبيعة السلوك البشرى وعدم القدرة على السيطرة على سلوكيات هذه الملايين الذين يتحركون فى توقيت واحد لرمى الجمرات.. وأنه لابد من فتوى واضحة وحاسمة وقاطعة تجيز رمى الجمرات على مدار الساعة وأن تجمع على ذلك كل الآراء.. فى كل البلاد الإسلامية.. لأنه - حتى أقوى الجيوش وأقوى شرطة لا يمكنها السيطرة على هذه الملايين إذا انطلقت مجرد شائعة صغيرة.
فما بالنا بمن يخطط لضرب الأمن السعودى.. وأمن وسلامة ضيوف الرحمن.