كانت قديما وزارة التربية والتعليم فتغيرت إلي التعليم فقط دون معرفة حكمة تغيير المسمي الذي سرعان ما ظهر نتائجه من إنهيار منظومة التعليم في مصر، لتصبح مفرخة لتخريج تلاميذ لا يجدون كتابة أو قراءة وحفظة بلا فهم وقائمين تجار لا معلمين ومدارس فارغة دون تلاميذ وحصص بلا تدريس ومباني آيلة للسقوط بلا مغيث من هيئة تسمي أبنية تعليمية يعشش فيها الفساد بلا محاربة، ووزراء متعاقبون في حكومات بقرارات متضاربة خاصة للمرحلة الثانوية كأنها كبش يضحي بها كشعيرة تعليمية.
ورحل وزيرها السابق الدكتور محب الرافعي خريج العلوم الذي جلس قليلا علي كرسي الوزارة وجعلها وزارة "الكيمي كيمي كا" مع التقدير لأغنية الفنان محمود عبد العزيز بفيلم الكيف ، فكانت مهازل تسريب الامتحانات ومسلسل صفر مريم، وآخرها قراره بتخصيص ١٠ درجات للسلوك والمواظبة علي طلبة الثانوية العامة ، وتصريحه للمعترضين من الطلبة " من لا يعجبه القرار فعليه التحويل إلي منازل أو يشرب من البحر" ، وآخر لغم منه برتوكول وقعه مع وزارة الشباب لعمل مجموعات تقوية لمواجهة مراكز الدروس الخصوصية مما يعد اعترافا منه بالفشل الحكومي في قيام المدارس بدورها في التعليم أو محاربة الدروس الخصوصية ولم يجد حلا إلا بمنافسة هذه المراكز بدلا من عودة الفصل الدراسي لدوره الذي يغني عن تحمل عبء الاضطرار للدرس خارجي، غير تعديل نتيجة ٨ آلاف طالب بنتيجة الثانوية العامة بعد إعادة تصحيح أوراقهم مما يؤكد فشل منظومة التصحيح وخلل بين بالامتحانات مما يتطلب مواجهتها بعيداً عن كيمياء الوزير .
وجاء تولي الدكتور الهلالي الشربيني وزيراً للتعليم بحكومة المهندس شريف إسماعيل قبل إجازة عيد الأضحى وبداية العام الدراسي الجديد، بحالة من التفاؤل الحذر من هذا الوافد علي الوزارة المغلوب علي آمرها خاصة أن أخر مناصبه مستشارا ثقافيا لمصر ومدير المركز الثقافي المصري بطرابلس ليبيا لمدة أربع سنوات، ولكن سرعان ما تبخر مع أول تصريح بأنه "مش جاى يبدأ من الأول وأنه درس القرارات السابقة ووافق عليها" ، وذلك مع تطبيق منظومة الغياب الالكتروني علي طلاب الثانوية العامة وكأنهم مرتع لمعاول وزراء التعليم دون إستراتيجية ثابتة ككل الدول المتقدمة والنامية بل بلاد الوق ، ولم يوضح الهلالي ماذا فاعلاً مع عدم وجود شفافية في حسابها أو أن تكون باباً جديداً للرشاوى والمحسوبية ، وكيف نجبر الطلاب علي الحضور ووضعهم تحت مقصلة عدم دخول الامتحان، فالمدرسين شبه نائمين بسبب صراع ملاحقة مراكز الدروس الخصوصية فيضيع أوقات الطلبة بلا شرح ولا عائد ، بالإضافة إلي أنها قد تكون سبوبة أخري وعبء علي أولياء الأمور من إعادة رسوم القيد" ألف جنيه " مثل " سبوبة "رسوم تظلمات طلاب الثانوية التي جنت الوزارة منها الكثير ولم يجن الطلاب إلا حسرة المحاولة ، بعد أن رفعت وزارة التعليم " لا نرحم ولا نخلي رحمة ربنا تنزل".
ومع بداية غير مشجعة لأول يوم دراسي وسط ارتباك وعدم انضباط حيث فوجئ الوزير الهلالي الذي تأخر لمدة ساعة ونصف عن حضوره لمدرسة قليوب الثانوية وبالتالي تأخير طابور الصباح بعدم اكتمال أعمال الصيانة بالمدرسة وحضور المدرسين وحالة من الهرج والمرج بين الطلاب وعدم وجود للكتب الدراسية ، فقرر معاقبة مديرة المدرسة باستبعادها ككبش فداء لتقصير هيئة الأبنية التعليمية في أعمال الصيانة والفصول والمعامل وغيرها ، وتوجه لمدرسة قليوب الإعدادية وفوجئ أيضا باستمرار طابور الصباح للثامنة والنصف ووقوف الطلبات في حرارة الشمس انتظارا لحضوره مما سبب استيائه ، ثم اعتراض الطالبات وأولياء أمورهم من ارتفاع حرارة التنسيق ، وأيضا من بعض العاملين لعدم مساواتهم ماليا فخرج من سيارته مع تدخل قوات الأمن لإبعادهم عن موكبه قائلا " الكلام ده مينفعش "، وموقف آخر لا يقل فداحة حضور محافظ القاهرة لمدرسة طلعت حرب الابتدائية الذي تأخر علي طابور الصباح لمدة ساعة ونصف مما جعل الطلاب يصبوا بحالة من الإرهاق بعد تكرار تنبيه مدرس بالمدرس عليهم " معلش استحملوا مستنين سيادة المحافظ في السكة وده شرف لينا" ، ولكن الطلبة استقبلوه بأغنية "علمونا في مدرستنا" و" أحلف بسماها وبترابها" .
يا سادة يا كرام التعليم سر نهضة الأمم والشعوب فهو رمانة الميزان في بناء المجتمعات وإن لم يكون هناك نظاما تعليميا يواكب العصر يعتمد علي المعرفة ، ويربط مخرجات التعليم بسوق العمل فلا مجال لنهضة وتنمية اقتصادية وتصبح أحلام التقدم والمشروعات القومية بعيدة المنال طالما العقول المستنيرة بالعلم متعثرة في متاهات التعليم ووزراء يبحثون مستجدات العصر بعقلية عشرينيات القرن الماضي ويدورون في فلك مشاكل عفا عليها الزمان .. الشعب يريد ثورة تعليمية بعيدا عن خبراء لا يفقهون إستراتيجية لمصر الجديدة أو رؤية لنقلها لمصاف دول كنا نعدها متخلفة !!!