محمد السيد عيد
بيع الأصوات الانتخابية في المنافسة البرلمانية
قرب ياأستاذ.. قرب يامحترم
هنا المزاد ياعم
عيسي نبي، موسي نبي، محمد نبي، وكل من له نبي يصلي عليه. صوت انتخابي معبِّر، معروض لمن يدفع أكثر ؟صوت لايهتم صاحبه بغيرالمال، من أجل إطعام العيال. وإكراماً للمشتري الفييس نقدم هذا العرض النميس : اشتر صوتي وصوت زوجتي، وسنعطيك صوت ابنتي بديعة، مجاناً فوق البيعة، أما صوت ابني حسن، فهو بضعف الثمن، فمن سيدفع قيمة هذه الأصوات؟ ويقول لي هات؟ من سيفتح المزاد ويحكم البلاد؟
تقدم رجل يلبس قفطاناً قصيراً وبنطالاً طويلاً، له لحية مدببة، وحواجب غير مهذبة، وعلي رأسه طاقية بيضاء، وقال بلا حياء : أدفع لك في الصوت خمسين جنيهاً.
قلت له علي عجل : من أنت يارجل ؟ ألاتعرف شيئاً عن زيادة الأسعار ؟ وأن الدنيا الآن نار ؟
قال :أنا عمك حنفي، ومذهبي سلفي. والمفروض أن تشجع أصحاب الدين، لتقيم شرع الله المتين. قلت له : أنا لا أعرف غير معني واحد لكلمة السلف، وهو الاقتراض بكل أسف، فكيف لرجل يعيش علي فلوس العباد أن يكسب هذا المزاد ؟ إما أن تدفع الثمن اللائق بالأصوات أو فلتذهب وتترك المنافسة لأصحاب الثروات. قال : سأدفع مائة. قلت ولا ثلاثمائة. قال: سأدفع مائتين. قلت : اذهب ودعني أفاصل بقية الراغبين. قال : سأعطيك السوفالدي مجاناً لو أصابك فيروس سي، قلت له : اذهب عني ولا توجع لي رأسي. وأنهيت الكلام غير الجاد، وأعدت فتح المزاد.
تقدم رجل يبدو عليه الغموض، وهمس في أذني بصوت خفيض : أنا أخوك مرعي، صاحب الحق الشرعي، وأريد منك ألا تفاصلني، فلك مدة تعاملني، وكم أعطيتك السكروالزيت، وأوصلتهم لباب البيت. وأنت تعلم أن الإخوان الآن في كرب، ووصول الفلوس اليهم من التنظيم الدولي شيء صعب. قلت : هذا كلام غريب، هل سيكون هناك إخوان في البرلمان القريب؟ كنت أظن أن الثورة قطعت دابرهم، وقضت علي أولهم وآخرهم. فابتسم الإخواني بمرارة، وقال بيقين وحرارة : اعلم ياأخي أننا مثل الحرباء،نتلون بلون كل عصر، ولن ننتهي أبداً من مصر، وسندخل مستقلين رغم أنف الكارهين.
قلت له : كلامك كله لايعنيني، وهذا مزاد برلماني، يفوز به من يدفع أكثر، فهل سمعت يا مستر ؟قال : انظر للمستقبل،لو فاز الإخوان ستحصل علي كراتين رمضان، وسيعيدون لك شوادر اللحم رخيص الأثمان، ويبيعون لأولادك لوازم المدارس بأسعار زمان. قلت : لاتحدثني عن أمور في علم الغيب، فغيرك فلوسه في الجيب.
هنا تقدم رجل اسمه حسني، من رجال الحزب الوطني، قال : دعك منهم ياأمير، والتفت لي فأنا رجل الخدمات الخطير، وحين تصير لنا الأغلبية لن تأكل غير المهلبية. سألته : ألم تخلصنا منكم الثورة ؟ قال : لم تكن أبداً ثورة، لقد كانت فورة، والآن راحت السكرة وجاءت الفكرة، وكلما تذكر الناس أيامنا شعروا بالحسرة،وعهدي بك رجل أصيل. قلت له : كم ستدفع يا جميل ؟ قال : سأدفع خمسمائة لحلوح، قلت له : اذهب عني يانحنوح. فابتعد ورائحة الشياط منه تفوح. وتقدم بعده رجل نجيب، قال لي أنا الحبيب، والمال عندي مليارات، أكسبها من كلام الناس في التليفونات، وأنا أولي من هذه العاهات، فهم إما أبناء الإسلام السياسي الأدعياء، أوللحزب الوطني الذين يتصفون بالغباء. سأدفع الألف كاملة حلالاً عليك. قلت له :شبيك لبيك، أصواتنا ملك ايديك. فهل رأيتم ياأهل مصر المحروسة كيف سيسير جزء كبير من الانتخابات الموكوسة ؟