المساء
مؤمن الهباء
حزب النور أم حزب الظلام؟
رفضت محكمة الأمور المستعجلة البلاغ المقدم إليها لحل حزب النور وقضت بعدم الاختصاص.. كما رفضت محكمة القضاء الإداري منع أعضاء حزب النور من الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وهذا تطور إيجابي في الممارسة السياسية.. لا أقول ذلك حباً أو تعاطفا مع حزب النور.. وإنما حباً وتعاطفاً مع قاعدتين مهمتين أري من الواجب التذكير بهما في هذا التوقيت تحديداً:
- الأولي تتعلق بفكرة الحرية التي أسهبت الدساتير المتعاقبة في التأكيد علي كفالتها وحمايتها.. خاصة حرية الاعتقاد.. فلكل مواطن أن يتبني الفكر الذي يروق له مادام لا يتصادم مع مبادئ الدستور ولا يميز بين المواطنين علي أساس الدين أو الجنس أو اللون أو العرق.. وعموماً الفكر لا يجرم.. وإنما الذي يجرم هو الفعل.. ويجب ألا ننسي أن الحرية السياسية كانت أحد المطالب والأهداف الكبري لثورة 25 يناير التي هتفت "عيش - حرية - كرامة إنسانية - عدالة اجتماعية".. وكانت الترجمة الطبيعية لهذا الشعار هو إطلاق حرية تشكيل الأحزاب حتي يتكشف التنوع الحقيقي الموجود في البلد.. وتظهر الخريطة السياسية للشعب المصري بشكلها الواقعي دون رتوش أو مساحيق تجميل.. فمن حق الناس - كل الناس - أن يكون لهم صوت سياسي يعبر عنهم في وطنهم دون تهميش أو إقصاء.. حتي لا يشعروا بالاضطهاد والغربة داخل وطنهم.
- الثانية تتعلق بالمكاسب التي تحققت للوطن من جراء الممارسة السياسية العلنية للسلفيين. وللتطور الكبير الذي حدث في الفكر السلفي ذاته بعد أن دخل قطاع عريض من السلفيين في حزب سياسي يعمل في العلن فوق الأرض وصار مسئولا عن تصرفاته أمام الجمهور قبل أن يكون مسئولا أمام السلطات.. وهذا الأمر مترتب بالضرورة علي القاعدة الأولي.. فالحرية مسئولية والعمل في العلن يدفع صاحبه بالضرورة إلي أن يصحح أفكاره وممارساته حتي لا ينبذه الشارع.
ولقد تحققت مكاسب كثيرة للوطن ولحزب النور أيضا من جراء الممارسة السياسية العلنية.. نذكر منها علي سبيل المثال الانفتاح السلفي الواضح جداً تجاه اخواننا الأقباط.. سواء علي مستوي الخطاب السياسي أو الممارسات العملية الواقعية.. ومن يقارن بين مواقف السلفيين تجاه الأقباط في بداية ظهورهم السياسي العلني مع ثورة يناير ومواقفهم اليوم لن يصدق حجم النقلة الإيجابية الهائلة التي تحققت.. وهي نقلة في صالح الوطن واستقراره وفي صالح السلفيين وأيضاً في صالح الأقباط.
ولاشك أن الممارسة العلنية أدخلت كثيراً من التحسينات والنضج علي تفهم السلفيين لفكرة الوطن والمواطنة والتعايش السلمي وقبول الآخر والفصل بين ما هو ديني وما هوي سياسي واحترام الحريات واحترام مؤسسات الدولة وتحية العلم والعمل مع الآخرين المختلفين للوصول إلي حلول وسطي.. وفي عدد الأربعاء 31/12/2015 نشرت "المصري اليوم" تقريراً موسعاً بعنوان "النور يكسر ثوابته للحفاظ علي وجوده".
وإذا كان البعض يهاجم حزب النور بدعوي أنه يمارس الدعاية بالزيت والسكر فعلي هؤلاء أن يتابعوا ما تنشره الصحف عن اعتماد كل المرشحين وكل الأحزاب علي الزيت والسكر واللحوم في الدعاية الانتخابية.. ومن كان بلا زيت ولا سكر فليرجمه بحجر.. ثم إننا نحن الذين نطالب الأحزاب أن تفعل ذلك حين نتساءل - حين نريد أن نهاجمها - عن الخدمات والمساعدات التي تقدمها للمواطن المطحون.
وفي كل الأحوال يجب أن توضع معايير محددة للممارسات الملتبسة مثل الرشاوي الانتخابية واقحام الدين في السياسة كي تطبق علي الجميع بكل شفافية وفي كل الاوقات.
ويبقي السؤال المهم: هل الأفضل أن يعمل حزب النور في العلن وبوضوح أم يعود جماعة تحت الأرض حيث العزلة والتقوقع والظلام والغربة عن المجتمع وعن الحياة؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف