تخرج دعوات بعد كل تغيير وزارى تطالب بإعلان أسباب إقالة وزير، ومبررات تعيين آخر دون مجيب، صحيح أن رئيس الحكومة يختار من يجد لديهم الكفاءة والقدرة على تنفيذ رؤيته وبرامجه وأهدافه، لكن الصحيح أيضاً أن الإطاحة بوزير بشكل مفاجئ تعنى أمرين لا ثالث لهما؛ إما أن هذا الوزير فاشل أو فاسد، وفى الحالتين من حق الرأى العام أن يعلم الحقيقة، وهنا لا يحق لهذا الوزير بعد ذلك تولى أى حقيبة وزارية مرة أخرى، حتى وإن كان مع رئيس حكومة آخر!
كما أنه ليس من حق رئيس حكومة الإطاحة بوزير مشهود له بالكفاءة والنزاهة وبمواقفه الشجاعة، دون إبداء أسباب ومبررات، إرضاء لأحد وزرائه المقربين الذى تؤرقه قضية الأقدمية مع زملائه الوزراء فى المجلس! أو استبعاد وزير ليصبح كبش فداء أمام الرأى العام فى قضية أخفقت الحكومة فى التعامل معها بشكل سليم، وتعيين وزير آخر أقل كفاءة من سلفه، وإلا تحول وزراء مصر إلى مجرد أحجار يحركها رئيس الحكومة فوق رقعة من الشطرنج كيفما شاء!
أقول ذلك بمناسبة الإطاحة بوزير التعليم، محب الرافعى، بعد قضية طالبة «صفر الثانوية»، وتعيين الهلالى الشربينى، الذى صدم الجميع بتصريحاته وخواطره ولغته الجميلة، وكذلك عودة هشام زعزوع لتولى حقيبة السياحة فى الحكومة الجديدة، بعد أن أطاح به المهندس إبراهيم محلب، خلال وجوده خارج البلاد للمشاركة فى بورصة برلين فى مارس الماضى، وتعيين المهندس خالد عباس رامى، الذى لم نسمع عن إنجازاته، دون إبداء أسباب أو مبررات.
فالرجل أدار ملف السياحة بكفاءة فى أصعب الظروف والتحديات التى تواجه مصر، وتم تكريمه من نادى صناعة السياحة والسفر، قبل الإطاحة به بيوم واحد فقط؛ لجهوده المتميزة والناجحة فى مجال استراتيجيات الترويج والتسويق السياحى، وانعكاساتها على السوق الألمانية، كما أن الجميع يعلم غيرته الوطنية وموقفه الشجاع بعد قيام الإخوان بتعيين «عادل الخياط»، أحد قيادات الجماعة الإسلامية، محافظاً للأقصر، أكبر المحافظات السياحية، وكذلك استقالته من حكومة الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، وسقوط شرعية الرئيس المعزول محمد مرسى.
وبعيداً عن تلك الحيثيات والمواقف التى لا تخطئها العين، فمن حق الشعب أن يعرف كيف تدار الأمور داخل مجلس الوزراء!! وهل حقاً كان قرار الإطاحة بالرجل له علاقة بما تردد حول رغبة أحد الوزراء فى إقصائه حتى لا يسبقه فى الأقدمية بروتوكولياً داخل المجلس؟!! وإذا كانت تلك الرواية مجرد شائعات فما هى الحقيقة إذن؟! ولماذا عاد هشام زعزوع مرة أخرى ليتولى منصب وزير السياحة فى الحكومة الجديدة إن كان قرار الإطاحة به سليماً وذا حيثية؟! أليس من حق الشعب أن يعرف أسباب القرارين وأيهما القرار الخطأ؟!
كما أننى أندهش حقاً من إصرار المهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة الجديدة، على استبعاد د.محب الرافعى، وزير التربية والتعليم، من حكومته قصيرة الأجل، برغم الاعتذارات المتوالية من المرشحين لتلك الحقيبة الوزارية، ولا أعرف كيف يصل به الأمر فى النهاية لاستبدال رجل تعليم بدأ خطوات جادة لإصلاح جبال المشاكل القابعة فوق صدر التعليم منذ عقود طويلة، بشخصية أخرى تحظى بأكبر قدر من الانتقادات والهجوم على تصريحاتها ومواقفها وخواطرها!!
يا سادة إن موقف الدولة من وزير التعليم السابق يعد بمثابة إدانة واضحة ليس للوزارة فحسب، وإنما لكل جهات التحقيق فى قضية «صفر مريم» الذى أصبح أشهر من صفر مصر فى المونديال!! لذا كان الأجدر برئيس تلك الحكومة المؤقتة الإبقاء على الوزير ترسيخاً لثقة المواطن فى أجهزة التحقيق، وحفاظاً على ماء وجه الحكومة، بعد الصفعة التى تلقتها من رئيس الوزراء السابق!!