الوفد
عباس الطرابيلى
عمارة المعادي.. بعد عمارة القماشين!
عندما كتبت هنا يوم 17 سبتمبر الحالي عن عمارة القماشين المخالفة بمنطقة المسلة، في حي المطرية الأثري، لم أكن أتحدث عن مجرد عمارة مخالفة.. بقدر ما كنت أتحدث عن ظاهرة تتغلغل في حياتنا كل يوم.. دون أن يتحرك أي حي أو أي محافظة، تلك هي ظاهرة البناء المخالف علي أرض مملوكة للدولة.. أو تجاوز الارتفاع المسموح به، في المنطقة، وكنت أري في ذلك أن هؤلاء المخالفين يخرجون لسانهم للسلطة.. إما لأنهم «دفعوا المعلوم» لمسئولي الحي: من الغفير إلي المدير.. أو لأن الحي يعتقد أن دوره يقف عند مجرد تحرير محضر المخالفة.. ولكن متي؟! عندما تكون العمارة قد ارتفعت وتعددت طوابقها.. وكان هؤلاء يعتقدون أن السلطة لن تجرؤ علي إزالة هذا العقار.. إلي أن جاء قرار ثم تنفيذ قرار إزالة عمارة القماشين وهي من 14 طابقاً.. وتضم 285 شقة وعلي مساحة 1350 متراً.
<< ووصلني- منذ أيام- رسالة من الدكتور محمد إبراهيم عثمان صاحب ومدير مستشفي «عثمان» بحدائق المعادي يروي حكاية مشابهة.
يقول الدكتور «عثمان» ان السكان فوجئوا بمن قام بهدم فيلا قام مشتريها بهدمها «دون الحصول علي ترخيص بالهدم» وتم إبلاغ حي المعادي في حينه، ولم يتحرك أحد.. حتي قاموا بالحفر وإقامة المباني علي الأرض كذلك- دون الحصول علي ترخيص مسبق من الجهات الإدارية، وأبلغنا الحي في كل مرحلة من مراحل الهدم والبناء دون جدوي حتي وصلوا إلي بناء 11 دوراً متكرراً!
<< وصدرت قرارات إزالة من حي المعادي بعد تمام البناء، وكان يمكن تدارك ذلك عند بداية هدم الفيلا وبداية الحفر والبناء دون ضرورة لقرار الإزالة لأحد عشر دوراً وما يمثله ذلك من خسائر هدم وخلافه. ويضيف الدكتور محمد عثمان ومستشفاه يقع برقم 16 شارع 107 بحدائق المعادي انه صدر للعقار قرارات إزالة من 13 فبراير 2014 بأرقام 3 و2217 و4058 و5647 و6493 وكلها في عام واحد فقط هو عام 2014، وهي صادرة من الحي، وتم إرسالها لقسم شرطة المعادي للتنفيذ برقم 1679 في 19 مايو 2014 وكلها قرارات إزالة لعدم وجود رخصة بناء، وللأسف لم يتم تنفيذ أي قرار منها حتي الآن.
والمشكلة أن أصحاب العقار قاموا ببيعه للضحايا الذين يقومون الآن بأعمال التشطيب.. وللتمويه قام أصحاب العقار بتخصيص جزء من البدروم كمسجد.. ومازال الوضع قائماً هكذا حتي الآن.
<< والدكتور محمد عثمان- مرسل الشكوي- يرجونا أن نساعده في تنفيذ قرارات الدولة بالإزالة.. وأيضاً محاربة الفساد والمفسدين ونحن نتساءل: لماذا لا تتحرك أقسام الشرطة لتنفيذ واحد من قرارات الإزالة هذه.. وهل يستغل المخالفون أن الدولة مشغولة بمواجهة الإرهابيين.. ولذلك تراخت يدها عن تنفيذ قرارات الإزالة.. أم أن هناك من له مصلحة في عدم التنفيذ والقضية ـ فى نظرى ـ ليست فى عدم القدرة علي تنفيذ هذه القرارات.. ولكن في منعها من بدايتها.. أي من بداية هدم الفيلا ثم حفر الأرض لإعدادها لرمي الأساسات.. ولو نجحنا في ذلك لأوقفت معظم عمليات هذا البناء المخالف.. ومن النقطة صفر.. حتي لا نخسر ثمن مواد البناء.. ولا ساعات العمل أو أجور العمال.. لأن هدم العقار يعني أن نفقد كل ذلك.
<< ونصل إلي نقطة من يشتري شققاً في هذه العقارات.. فهل كان هناك ما يغريهم علي شرائها.. أم لأنهم علي قناعة بأن السلطة لن تجرؤ علي إزالة مثل هذه العقارات.. وأغلب الظن أن البائع يقنعهم دائماً بأن الدولة ستقبل أي غرامة مالية سواء من صاحب العقار الأصلي، أو من المشترين.. لأننا في دولة تطبق مقولة «والنبي حرام نهدم كل هذا» ونسينا المبدأ الذي يقول إن القانون لا يحمي المغفلين.. وأن الدولة ستقبل مبدأ التصالح.. وينتهي الأمر.. وهنا تكمن المأساة الحقيقية.
<< المشكلة أن مسئولي الحي- منهم- من يعمل مستشاراً للمخالفين ويدلهم علي النقاط التي يمكن أن يتهربوا منها.. حتي لا يتم هدم العقار.. ثم ان من هؤلاء المسئولين من يقبع داخل مكتبه ولا ينزل إلي الشوارع ليتابع ما يجري.. ليوقف مثل هذه المخالفات وهي في بدايتها.. ولكن المال قادر علي عمل أي شيء.
إنني أضع رسالة الدكتور محمد إبراهيم عثمان أمام الدكتور مصطفي سعيد محافظ القاهرة الذي يحارب في كل الجهات.. كما أضعها أيضاً أمام الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية، وهو الرجل المنوط به إخراج مصر من المستنقع المسمي: المحليات.
<< هل من حل من المسئولين الكبيرين.. للمحاسبة علي كل من عرف ولم يتحرك.. ومن شاهد ولم يفعل شيئاً.. أم نطالب بمبدأ «من أين لك هذا» علي كل العاملين في المحليات؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف