أتوق بشدة لليوم الذي ينعم فيه كل مصري برعاية صحية راقية، تماثل ما يحظي به مواطنو الدول المتقدمة، بل والعديد من الدول العربية خاصة دول الخليج. فما يتعرض له المرضي المصريون حاليا من ذل وعذاب للحصول علي العلاج، مأساة مؤلمة. فالمستشفيات الحكومية التي أنشئ معظمها في عهد عبد الناصر، تعرضت لإهمال فج، طوال عهد مبارك، وهو يمثل في رأيي جريمة متكاملة. تتمثل أركانها في الأرقام المفزعة للمرضي. فمصر الأولي عالميا في معظم الأمراض خاصة الفيروسات الكبدية والفشل الكلوي والسرطان. لكن أما وقد أفلت مبارك ورجاله من العقاب علي جرائمهم الكبري في حق الشعب. آن الأوان لإنقاذ المصريين من الأمراض التي تنهش أجسادهم وتحاصرهم من كل جانب. ولن يتحقق ذلك إلا بزيادة التمويل المالي للمرافق الصحية. وقد أحسنت لجنة الخمسين صنعا عندما حددت في الدستور ميزانية الصحة بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن ضعف الإيرادات العامة حال دون ترجمة المطلب الدستوري رغم ارتفاع اعتمادات الصحة في موازنة الصحة بالموازنة الجديدة إلي 64 مليار جنيه مقارنة بـ 48 مليارا في العام الماضي. الأمر يستوجب في رأيي مشاركة شعبية لزيادة التمويل المخصص للإنفاق علي الخدمات الصحية، وليكن ذلك برفع ما يتم تحميله علي فاتورة الكهرباء لخدمات النظافة من 6 جنيهات إلي 16 مثلا لتشمل النظافة والخدمات الصحية، بما يضمن توفير حوالي 4 مليارات جنيه سنويا. القضية خطيرة ولا تحتمل التأجيل خاصة أن نصيب الفرد في مصر من الإنفاق العلاجي يصل 125 دولارا سنويا بينما يصل المتوسط إلي ألفي دولار في الدول المتقدمة. خلاصة القول إن الدولة وحدها لن تستطيع إزالة آثار جرائم مبارك وعدوانه علي صحة المصريين ويجب علينا تحمل جانب من المسئولية لإنقاذ أبناء الوطن خاصة الفقراء من ويلات المرض.