لم تكن الهزيمة التي تلقاها نادي الزمالك من النجم الساحلي في بطولة الكونفيدرالية بالسهلة، أو تلك الهزيمة التي يمكن أن تمر مرور الكرام علي نادٍ عريق دون وقفة من كافة المسئولين عن النادي الأبيض لمراجعة ما حدث وتلافيها ومحاولة التعويض في مباراة العودة.
تلك الخسارة لم تكن هينة علي جمهور يحب ناديه، كانت الخسارة قاسية صعبة ولكن الأصعب منها هي فرحة جمهور النادي الأهلي لهذه الخسارة ولهذه الهزيمة، وكأن الزمالك نادٍ من بلد آخر و لا ينتمي لمصر ولا يمثلها.
تلك المشاعر الحزينة لمشجعي النادي الأبيض طبيعية تماماً وغضب البعض منطقي جداً ، أما تشجيع غالبية جماهير النادي الأهلي لفريق النجم الساحلي فهذا هو الأمر الغريب والمستفز أيضاً ، فشاهدت بعض جماهير القلعة الحمراء علي المقاهي وصرخاتهم تعلو في لحظات تسديد الأهداف من النجم الساحلي داخل شباك الزمالك.
وتري البعض الآخر يصرخون غضباً بكل معاني الكلمة عندما تهتز شباك النجم الساحلي، وبعد انتهاء المباراة الصعبة يخرجون في الشوارع يعلنون فرحتهم للجميع ، دون كسوف أو خجل ويعلنون ذلك صراحة في جماعة، والغريب أنك عندما تسأل أحداً منهم منفرداً لماذا كل هذا الفرح ؟ يقسم بالله إنه «زعلان» وكان يتمني فوز نادي الزمالك، «ويمتعض بشفتيه وكأنه متأثر لهذه الهزيمة النكراء!!!
تلك الواقعة تقول لنا إن هناك خللاً ما يحدث في مشاعرنا كشعب ويدخل في سلوكياتنا كأفراد ، وينذر بالخطر لما هو قادم ، فمشاعر الانتقام و«الشماتة» في غير محلها لها عواقب وخيمة ليس علي النشاط الرياضي فقط بل علي طبيعة المجتمع وتكاتفه في مختلف مناحي الحياة، فليس معني أن أختلف معك أن أكرهك وأتمني لك السوء ، وأؤيد كل ما يضرك وأمشي في جنازتك سعيداً وأعلن صراحة أني أتمني لك الموت وتضحك في لحظات دفني.
مرحلة التشجيع لناد بعينه لا يعني كره النادي الآخر علي الإطلاق، فالتحول الجوهري من المثل الشعبي الذي يقول «أنا وأخويا علي ابن عمي وأنا وابن عمي علي الغريب» إلي مقولة «أنا ومن بعدي الطوفان» خطر شديد، فالمثل الأول الذي يعبر عن درجات القرب وأولويات الخصومة والذي يعبر في مضمونه علي التكاتف والترابط والمنافسة أيضاً والعداء بدرجاتها وكل حسب أولويات الخصومة والخصم، أما المقولة الثانية فليس لها إلا معني واحد وهو الأنانية وحب النفس فقط ولا أحد سواها.
من البديهيات أن تفرح جماهير الزمالك بانتصارهم بالفوز بدرع الدوري والحصول علي بطولة الكأس من غريم ظل لسنوات طويلة متصدراً المشهد، فالطريقة الجميلة التي لعب بها فريق نادي الزمالك أمام الأهلي في الكأس لم تكن جميلة فحسب بل كانت مبهرة ولم يعتد عليها مشجعو الفانلة البيضاء ، أن يظل الزمالك يلعب المباراة من أولها لآخرها بهذه الحماسة وهذا الإصرار وهذا الهجوم علي غير العادة، فازدادت فرحة الزملكاوية فرحاً بالكأس وفرحاً بفريقه ورئيسه الذي استطاع أن يحصل علي بطولتين في نفس العام، وخسر جماهير الأهلي فرحتهم وعشقهم في اقتناص البطولات ،
ولكن لا يمكن أن يكون ذلك مبرراً للكره والشماتة أبداً وما حدث شيء يدعو للكسوف ومراجعة النفس مراراً وتكراراً.