الوفد
علاء عريبى
نفرتيتى مش أحسن من كليوباترا
بالطبع الملكة نفرتيتى ليست أجمل ولا أفتن ولا أفضل من الملكة كليوباترا، فهذه ملكة والثانية ملكة، حتى أن كليوباترا كانت تمتاز عن نفرتيتى فى أنها كانت معشوقة لقادة دول العالم، والتاريخ يؤكد أنهم كانوا يتنافسون على نظرة رضا منها، والحديث الدائر عن مقبرة نفرتيتى يجب ان يوازيه حديث آخر عن مقبرة جميلة الجميلات كليوباترا، إذا كان العالم البريطانى نيكولا ريفرز يظن أن مقبرتها فى غرفة سرية خلف أو داخل مقبرة توت عنخ أمون، وهو مجرد ظن قائم على خيال، فنحن بين أيدينا قصة واقعية لأحد شهود واقعة دفن كليوباترا، هذه القصة نشرت منذ 90 سنة فى جريدة السياسة الأسبوعية التى كان يترأسها محمد حسين هيكل(ت 1956م)، فى مقال بتوقيع «ميريم هرى»، نشر فى العدد رقم 35 الصادر يوم السبت 6 نوفمبر سنة 1926، المقال نشر تحت عنوان: «هل دفنت كليوباترا فى باريس؟، وكانت كليوباترا تكتب بالطاء وليس بالتاء (كليوباطرا)، محرر المقال روى قصة لدفن الملكة كليوباترا فى حديقة المكتبة البلدية فى باريس، والواقعة نقلها عن أحد شهود عملية الدفن، وهو «مور تروك» السكرتير العام السابق لدار الكتب الأهلية، وكان مور أحد ثلاث شخصيات حضروا واقعة الدفن، وكان الوحيد الذى تبقى على قيد الحياة آنذاك، ميريم هرى محرر المقال التقى مور تروك وسأله عن حقيقة دفن مومياء الملكة كليوباترا فى حديقة دار الكتب؟، وكيف تم نقلها من مصر إلى باريس؟، ولماذا دفنت فى التراب ولم يتم الاحتفاظ بها كمومياء؟.
مور تورك قال: دخلت دار الكتب لأول مرة عام 1869، وكان عمرى 19 سنة، وأيامها كان بالمكتبة ثلاث مومياوات ومجموعة من الآثار المصرية، الشباب الذين كانوا يعملون فى المكتبة، أشاروا إلى إحدى المومياوات وقالوا لى إنها مومياء الملكة كليوباترا، كيف عرفوا؟، الله اعلم، وقال عندما شاهدتها كانت الأربطة منزوعة عنها، ولم يقدم أحد العاملين تفسيرا لذلك، بعد فترة أعربت دوقة مقاطعة برى عن رغبتها فى رؤية مومياء الملكة كليوباترا، ولكى لا ترى جسدها عاريا، قمنا بتغطية جسدها بقطعة من القماش لونها أحمر، وقال مورتروك إنهم فى ذاك الوقت كانوا شبابا ولم يهتموا بالبحث حول حقيقة الأمر، هل المومياء بالفعل لكليوباترا؟، وكيف تم تجريدها من الأربطة؟، ولماذا جردوها منها؟، وكنا نهتم فقط بالقصص التى تقال حول هذه الملكة الفاتنة، لكن ما عرفناه أيامها(دون أن نتحقق منه) أن نابليون بونابرت هو الذى أتى بالمومياوات الثلاث، وقيل إنه جلس عند سفح الهرم ينظر إليها لفترة داخل خيمته، وربما يكون هو الذى سمى إحداها كليوباترا، وربما العلماء الذين كانوا يصاحبونه فى الحملة على مصر.
بعد فترة تحللت الجثث وخرجت منها رائحة كريهة، فأمر ضابط الحرس الأهلى بدفن المومياوات الثلاث، وكنت(مورتروك) من بين الذين شيعوها إلى مرقدها الأخير، وكنا فى عشية من عشيات الربيع، وكان الجو فى باريس يخيم عليه الظلام والسكون والبرد، وكنت أمسك مصباحا أضئ به أمام الموكب، وكان الحراس يداعبون كليوباترا وهم يضعون أصابعهم على أنوفهم، ووضعت المصباح من يدى لكى أرمى قبضة من التراب فى الحفرة، وبقيت بعد ذلك زمنا طويلا تتردد فى نفسى ذكرى ذلك الموكب الضئيل كلما مررت بالحديقة.
وقد أكد مور تروك سكرتير المكتبة الأهلية وأحد من شيعوا جثمان كليوباترا إلى مثواها الأخير فى حديقة المكتبة، أكد لميريم هرى محرر مقال الجريدة، أنهم لم يدونوا عملية، لماذا؟، بسبب انشغالهم بالحروب فى باريس.
ونسيت أذكر أن مور تروك حكى لميريم أنهم خلال الحرب وفرض الحصار على باريس خافوا على المومياوات وقاموا بإنزالها إلى مخبأ تحت الأرض، وفى المخبأ كانت الرطوبة مرتفعة فتحللت المومياوات وتعفنت.
السؤال الأن: هل كليوباترا دفنت فى حديقة المكتبة الأهلية فى باريس؟، هل نقل نابليون بونابرت مومياء كليوباترا من مصر إلى باريس؟، أين دفنت كليوباترا جميلة جميلات العصر الفرعونى؟، والسؤال الأكثر إلحاحا: لماذا اختفت مومياوات أجمل ملكات مصر؟، ولماذا فشل العلماء فى العثور على مقابرهن حتى اليوم؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف