مكاسب عديدة خرجت بها مصر.. وخرج بها العالم كله من ذلك التجمع الكبير في نيويورك بمناسبة الاحتفال بالذكري السبعين لإنشاء الأمم المتحدة.
أهم المكاسب في تصوري هو ما حدث في نهاية التجمع وبعد كل الكلمات التي ألقيت بهذه المناسبة في القاعة الكبري للجمعية العامة.. وهو رفع علم فلسطين في ساحة المنظمة الدولية واعتبار فلسطين عضوا بالمنظمة رغم العقبات العديدة والعراقيل التي وضعت حتي لا يري العالم هذا اليوم.. وقد كان لكفاح الشعب الفلسطيني الدور الأكبر في تحويل هذا الحلم إلي حقيقة.. ولا شك أن الدم المصري وما بعده من جهود دبلوماسية كان لها دور كبير في الاعتراف بدولة فلسطين حتي لو كانت تحت الاحتلال.. وحتي لو كانت الدولة الوحيدة المحتلة في العالم لتكون دولة يعترف بها العالم.
ولا ننسي كل المواقف المصرية السابقة والحالية من أجل قضية فلسطين وحقوق شعبه المشروعة.. وآخرها ما قاله الرئيس السيسي في كلمته من إن تسوية تلك القضية وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة علي حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية سوف يقضي علي أحد أهم عوامل عدم استقرار المنطقة.. وإحدي أخطر الذرائع التي يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب.. وأنه لابد من تسوية تلك القضية دون إبطاء.. حتي تتفرغ كل شعوب المنطقة لبناء مستقبلها معا.. ولتحقيق الرفاهية والازدهار وإيجاد مستقبل أفضل لأجيالها.. وأن ما يشهده القدس والحرم القدسي الشريف لدليل علي أن التوصل إلي السلام مازال يواجه صعوبات وتحديات تستلزم علينا جميعاً مواجهتها وإيجاد حلول حاسمة لها.
القضية الفلسطينية لم تتوه وسط القضايا الساخنة والملتهبة في العالم كله.. ووجدت مكانها كقضية رئيسية تفرعت منها كل القضايا التي تحدث عنها زعماء العالم كله وأبرزها القضية السورية التي تحولت من مجرد انتفاضة شعب عربي عريق يبحث عن الحرية والديموقراطية إلي أزمة دولية تدخلت فيها قوي عربية وإقليمية ودولية إلي درجة تنذر بحرب عالمية حقيقية.
وكما قال الرئيس في كلمته.. « تابعنا جميعا كيف استغل المتطرفون تطلعات الشعب السوري المشروعة للجنوح بهذا البلد الشقيق نحو مواجهات تستهدف تحقيق أغراضهم في إقصاء غيرهم، بل امتدت هذه المواجهات حتي فيما بين الجماعات المتطرفة ذاتها طمعا في المغانم، حتي تكاد سوريا اليوم تتمزق وتعاني خطر التقسيم في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وأطماع أطراف إقليمية مكشوفة.
وإزاء ذلك الوضع المتدهور.. دعت مصر القوي الوطنية السورية للاجتماع في القاهرة لصياغة تصور واضح للمرحلة الانتقالية وفق وثيقة جنيف بما يوفر أرضية مشتركة للسوريين جميعا لبناء سوريا الديمقراطية ذات السيادة علي كامل ترابها، وبما يحافظ علي كيان الدولة ومؤسساتها ويحترم تنوع مكوناتها ويصون انتماءها القومي.. إن تلك القوي الوطنية السورية مدعوة اليوم للمساهمة بكل قوة في كل جهد يبذل للتفاوض حول مخرج سياسي من الأزمة يحقق تطلعات الشعب السوري.»
موقف مصر واضح منذ عقود من القضية الفلسطينية.. وهو محدد تجاه الأزمة السورية وهدفنا هو أن تعود سوريا الحبيبة صاحبة المكانة في قلب كل مصري، دولة مستقرة قوية تمثل الجناح الشرقي لمصر في القضية الأم.. لكن للأسف تخبط العالم واختلف في نظرته إلي ما يحدث هناك علي الأرض الغالية في سوريا.
كلمات زعماء العالم التي ألقيت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عكست وجود انقسام في المواقف تجاه حل الأزمة الراهنة في سوريا.
الولايات المتحدة وفرنسا تصران علي ضرورة رحيل بشار الأسد، فيما تصر روسيا علي أن عدم التعاون مع الأسد لمواجهة عناصر تنظيم داعش سيكون خطأ فادحا.
ومع ذلك، فان أوباما وبوتين ألمحا إلي إمكانية اللجوء إلي حلول وسط، حيث قال أوباما : سوف أتعاون مع أية دولة، بما في ذلك إيران وروسيا، من أجل حل هذا النزاع، ولكن يتعين علي الجميع أن يدركوا أن العودة للواقع الذي كان سائدا قبيل اندلاع الحرب في سوريا بات غير ممكن.
لكن بعض زعماء الدول الغربية الأخري اتخذوا، مع ذلك، مواقف أكثر ليونة حيال الرئيس السوري بشار الأسد، وألمحوا إلي إمكانية بقائه خلال الفترة الانتقالية.
ويري سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون أن الدول الخمس ـ روسيا وأمريكا والسعودية وتركيا وايران ـ تعتبر عناصر أساسية في التوصل إلي حل للأزمة السورية، وطلب بان كي مون إضافة مصر إلي هذه القائمة وهو أمر طبيعي فلا يمكن تصور حل أي قضية إقليمية أو عربية دون وجود مصر التي ربما كانت منشغلة بهمومها الداخلية ومحاربة الإرهاب والتصدي للتنظيمات الإرهابية الدولية، ولكن مصر الكبيرة قادرة علي التأثير والشأن السوري أو الفلسطيني هو شأن مصري بالدرجة الأولي.