الجمهورية
صلاح الحفناوى
كابوس التعليم و"ثانوية" الجحيم
انتهت السكرة وجاء وقت الفكرة.. بدأ العام الدراسي بهمومه وأحزانه وأشجانه.. عام جديد من الانهيار التعليمي والتربوي.. عام يكرس الغش وسيلة للتفوق.. والاحباط لكل مجتهد.
وقبل الدخول في التفاصيل الموجعة لواقعنا التعليمي اعترف بأنني خلال مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة طالبت بإلغاء وزارة التربية والتعليم انطلاقا من حقيقة أن الانهيار والتخبط لا يحتاجان إلي وزير.. نستطيع أن نفعل ذلك بدون وزارة.. واعترف أيضا بأنني في كل ما كتبت منذ أحداث يناير 2011 أكدت أن حظ التعليم العام في مصر كان هو الأسوأ.. وأن قدره كان استقبال وزراء تصوروا أن مهمتهم هي اللف علي المدارس ومراقبة الحضور والغياب وإجراء تغييرات سياسية عبثية علي المناهج.. وهو ما أدي إلي اكتمال انهيار المنظومة التعليمية بحسابات النتائج والمخرجات.
واقعنا التعليمي يختصر كل مراحل التعليم وسنواته في الثانوية العامة.. باعتبارها الوكيل الحصري للتعليم الجامعي.. وهو ما يعني أن انهيارها هو انهيار لكل المنظومة التعليمية.. وهذا بالتحديد ما حدث خلال العام الدراسي الذي ودعناه.. حيث شهدنا أسوأ امتحانات ثانوية عامة في تاريخ المحروسة: انتشار غير مسبوق للغش الجماعي في اللجان خارج المدن.. لأنه لا أحد من من المراقبين مستعد للتضحية بحياته أو سلامته من أجل عيون الثانوية.. وانتشار غير مسبوق للغش الإلكتروني وظهور إجابات جميع المواد علي مواقع النت بعد دقائق من بدء الامتحانات.. وهو ما يسهل الوصول إليه بأجهزة المحمول التي لم تجرؤ مئات اللجان علي منعها.
الثانوية العامة أصبحت هي الجرح الغائر في جسد التعليم العام.. نظام الامتحانات الحالي يفتح أبواب الغش علي مصاريعها.. لنجد أنفسنا أمام 45 ألف طالب عبقري حصلوا علي أكثر من 95 بالمائة في أوكازيون الغش الجماعي والإلكتروني.. معظهم لا يستحق الحصول علي درجة النجاح بعد الرأفة.. هؤلاء هم من سيصبحون أطباء ومهندسين وصيادلة بعد سنوات حاملين معهم تجربة لا أخلاقية من الصعب أن تسمح لهم بأن يكونوا أسوياء.
وفي المقابل نجد عشرات الآلاف من الطلاب الذين اجتهدوا وتعبوا ولم يجدوا من يحنو عليهم و¢يغششهم¢ في لجان المدن.. والذين قادهم نظام التنسيق العبثي إلي كليات لا يرغبون فيها وتخصصات لا يحبونها.. سوف يمثلون بعد سنوات قليلة جيل الاحباط الذي يكفر بالمثل.. ويحقد علي من حرموه من ثمار اجتهاده.
هناك ألف حل للتخلص من كابوس الغش الجماعي وانعدام تكافؤ الفرص في امتحانات الثانوية العامة.. هناك مئات الحلول التي تنهي هذا العبث.. فهل يغيب ذلك حقا عن أذهان من وضع حظنا العاثر مستقبل أبنائنا بين أيديهم؟
خبير تربوي "مرفوع من الخدمة حاليا لأنه يعرف أكثر مما ينبغي" أكد أن بقاء امتحانات الثانوية العامة علي ما هي عليه هدف استراتيجي لمن يريدون تخريب الوطن.. وان البحث عن بدائل لا تسمح بالغش ليس مستحيلا.. وعلي سبيل المثال يمكن توزيع 5 مجموعات اسئلة عشوائيا علي اللجان بحيث يصبح الغش الجماعي شبه مستحيل.. أو تطوير أحد تطبيقات امتحانات الكتاب المفتوح التي لا تسمح بالغش لأنها تترك للطالب حرية اصطحاب ما يشاء من مراجع.. وهناك قبل كل ذلك فك الارتباط بين امتحانات الثانوية العامة وبين الالتحاق بما أصبح يعرف بكليات القمة.. بحيث لا يصبح مجموع الثانوية العامة هو الفيصل في دخول أي كلية من هذه الكليات.. بل تقوم كل كلية بإعداد النظام الذي يناسبها لاختيار الدارسين فيها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف