لفتنى بقوة ـ أحد تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى أفجيدور ليبرلمان، حين اراد تجسير الفجوة الكبيرة والعميقة بين موسكو وتل أبيب فيما يخص معالجة ملف إيران ومشروعها النووي، فطرح فكرة ـ هى غاية فى الخبث ـ تقوم على استخدام إسرائيل لعلاقاتها المتميزة بأوكرانيا، فى المساعدة على حل الخلافات العميقة بين موسكو وكييف، وما يعرف باسم جمهورية دونتسك الشعبية وقوات الانفصاليين فى جنوب شرق أوكرانيا التى تتضاغط أو تتقاتل بذرائع لا يمكن تصور العبور فوقها أو الالتفاف حولها بسهولة.
وأول الأسباب فى ذلك الموقف أن روسيا ـ تاريخيا ـ أراقت دماء كثيرة لجنودها فى الدفاع عن القرم وشرق أوكرانيا سواء عام 1841 ضد الإنجليز والفرنسيين والأتراك، أو عام 1943 ضد الألمان فى كورسك، ومن غير العقول أو المقبول تصور تجاهل حق روسيا فى أرض رواها الدم الروسى بغزارة على ذلك النحو.
وكذلك فإن الانفصاليين فى دونتسك ولوجانسك ذوى الأصول الروسية، والروابط التى يستحيل فهمها مع روسيا لن يتخلوا عن فكرة استقلال اقليمهم التى تعنى بالنسبة لهم ـ الهوية والشخصية ومغزى الوجود.
والسؤال فى ذهنى هو لماذا لا تتحرك مصر فى مجالات تتجاوز الشكل التقليدى فى الدفاع عن مصالحها، بعبارة أخرى لماذا لا نبادر ـ فى قضية كتلك ـ ونحاول أن نكون طرفا فاعلا لصالح حلفائنا.
هناك عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على روسيا تضاعفت بعد حادث قصف ماريوبل منذ أسابيع وصارت تشمل قائمة سوداء لمائة وثلاثين من رجال الأعمال الروس الكبار بما فى ذلك تجميد أرصدتهم ومنعهم من السفر فى أوروبا، وكذلك مقاطعة مؤسسات روسية علمية وعسكرية ومنع الصادرات الزراعية وغير ذلك، صحيح أن روسيا تصف العقوبات بأنها عبثية ولكنها موجودة على أى حال.
إن لنا علاقات بدول عربية وإفريقية نستطيع من خلالها العبور إلى لعب دور وراء الحدود التقليدية لتحركاتنا.
لماذا كان لدى ليبرمان خيال لقيام إسرائيل بدور لم يطلبه أحد منه.
لقد نبهت ـ فيما قبل ـ لخطورة علاقة إسرائيل الخاصة بجورجيا وانعكاساتها على الصناعات العسكرية واستخدام مطارات ذلك البلد وتأثيرات ذلك علينا، واليوم أحذر من ترك الساحة لإسرائيل فى أوكرانيا لتلعب فيها منفردة وتبدو الأكثر حرصا على مساعدة روسيا.