فريدة الشوباشى
التصنيف الأمريكى للمجاهد والإرهابى
رغم كل ما كنت اختزنه من مرارات بسبب المواقف الامريكية وانحيازها التام لاسرائيل ودعم عدوانها واغتصابها الحقوق الفلسطينية،فقد ادهشنى التذبذب الامريكى حيال التنظيمات «الاسلامية» التى. أسدت لواشنطن خدمات ما كان يقدر عليها مواطنون امريكيون متحمسون لبلادهم.. كان ذلك فى بداية ثمانينات القرن الماضى وقد جيش الحكام العرب والمسلمون، وبواسطة تنظيمات الاسلام السياسي، الجيوش وعبأوا مئات الالاف من الشباب، للدخول فى حرب ضارية ضد قوات الاتحاد السوفييتى السابق فى افغانستان، ساحة المواجهة الساخنة بين واشنطن وموسكو، ولكن الادوات الامريكية كانت شبابنا، كما أشرت، فكان الرئيس الامريكى رونالد ريجان يصف هؤلاء الشباب بالـ«مجاهدين»، وما ان تحقق للولايات المتحدة هدفها بهزيمة الجيش السوفييتى فى افغانستان إلا وانتقل ريجان الى وصف،المجاهدين السابقين،بالـ«ارهابيين»!!!.
غير ان المخطط الامريكى بتفتيت الوطن العربي،الى دويلات عرقية وطائفية،كما قال كيسنجر وزير الخارجية الاسبق، وهو ما شددت عليه وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس،عندما تحدثت عن «الفوضى الخلاقة» وهى سعيدة جدا بالتعبير الذى استقبلناه فى صمت مريب وشائن ،ولم يسألها أحد، كيف تكون الفوضى خلاقة!؟ وفى السنوات الأخيرة الماضية تصورت أمريكا انها بلغت أملها بشرذمة الدول العربية،التى بعد ان كانت تحلم بالوحدة وتصبو اليها، بدأت تشهد «معاول الهدم» مشهرة بأيدى بعض ابنائها، الذين دربتهم امريكا ومولتهم دول عربية واسلامية، وبالطبع رفع هؤلاء شعارات «اسلامية» لجذب البسطاء من جهة، واشعال نيران الفتن الطائفية من جهة أخري..وعلى كثرة عدد التنظيمات التى تدعى انتماءها للاسلام، فإن أكبرها، كان المسمى بتنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام، والمعروف باسم داعش.. وقد حقق داعش لأعداء الإسلام ما كان يستحيل عليهم تحقيقه ولو انفقوا مئات المليارات، والمشاهد الوحشية تتوالى على أيدى هؤلاء، وعلى اعتبار ان هذا هو الاسلام وتلك هى الدولة التى سيعيش فى كنفها المسلمون، قتل وذبح وتفجير وترويع وسبى وتصحير، اى تجريد الدول العربية ذات الحضارات القديمة المبهرة، من تراثها الحضارى الذى صمد عشرات القرون، وتجريف المجتمعات بتحريم الابداع والابتكار، الخ كل ما يهدف الى جر الوطن العربى الى غياهب العصور السحيقة.. بدأت واشنطن مخططها فى العراق ،ثم فى ليبيا، وانتقلت الى سوريا وهى تشمر يديها للنفاذ الى مصر..فكانت ثورة يونيو التى لا يختلف اثنان الآن، على أنها، مزقت مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، شر تمزيق، وشجعت سوريا على استمرار الصمود فى وجه أشرس مؤامرة عدوانية، لتدمير الدولة..والغريب ان ببغاوات الاعلام يرددون بغباء المصطلحات الأمريكية من نوعية «الأسد يقتل شعبه».. طيب، يا جماعة، هل تقدم داعش وتفريعاتها، الورد والطعام والامان للشعب السورى الشقيق؟.. وهل يُعقل ان يصمد نظام فى وجه مئات الالاف من المرتزقة الذين تدربهم وتسلحهم واشنطن، وبتمويل عربى كعادتها، لو لم يكن يحظى بمساندة شعبية؟.. قالت امريكا: انها ستضرب داعش، وانها تحتاج لعشرين عاما للقضاء عليها ولم ينطق نظام عربى مستنكرا هذا «التدخل الامريكي»، الذى هو فى الواقع ضحك على الذقون ،حيث نعرف جميعا ان داعش صناعة امريكية.وما ان اعلنت روسيا مساندتها للدولة السورية، إلا واشتعل البعض غضبا وعلى اساس اننا لا نتحمل إلا التدخل الامريكى السافر.. الغريب ان واشنطن واتباعها يقولون ان روسيا لم تضرب داعش!!!..اذن انتم تعرفون أماكن داعش.. فلماذا لا تقضون عليها؟.. الأكيد، ان هذه التطورات تحدث بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للأمم المتحدة والقاء كلمته التى تؤكد أن ما بعد يونيو، لن يكون ابدا مثل ما قبلها.