أصدر الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة قرارا مثيرا للجدل، بمنع عضوات هيئة التدريس المنتقبات من إلقاء المحاضرات وهن منتقبات.
وكان للدكتور جابر نصار مواقف مثيرة للجدل خلال العام الماضى، فمع بداية الدراسة كانت جامعة القاهرة تشتعل بمظاهرات الطلبة، وقتل طالب بكلية الهندسة وخرج رئيس الجامعة يدين الشرطة ويتهمها بانها سبب مقتل الطالب وأنها تتعامل مع الطلبة بعنف مما يزيد من وتيرة المظاهرات، وهو ما جعل وزير الداخلية السابق محمد ابراهيم يشن عليه هجوما فى إحدى لقاءاته بقيادات الشرطة وقال أنا نفسى أن جامعة القاهرة، ان الإخوان يخشوا فيها كلهم ويعتصموا عشان جابر نصار".
الموقف الآخر المثير ان يعلن رئيس جامعة القاهرة العام الماضى، أن ميزانية الجامعة بلغت مليار و300 مليون جنيه، في حين تم صرف مليار و800 مليون جنيه لتغطية الاحتياجات فهناك عجز 500 مليون جنيه، ومع ذلك عندما تم إنشاء صندوق تحيا مصر، تبرع من أموال الجامعة بمبلغ 20 مليون جنية لدعم الصندوق، رغم عجز الميزانية، طبعا ليس حبا فى مصر، حبا فى الكرسى.
وعودة الى قرار منع الحجاب، فمن حيث الدين، فقد أجمع علماء الدين الثقاة (على رأسهم الشيخ متولى الشعراوى والشيخ محمد الغزالى رحمها الله) أن النقاب عادة وليس عبادة، وأن المرأة التى تكشف وجهها ويديها فى فريضتى الصلاة والحج، فهى غير مطالبة بسترهما فى غير الفريضة، أما علماء السلطة، فقد تزايدت أحداهن وقالت، إن "النقاب شريعة وعادة يهودية، وليس من الشريعة الإسلامية"!.
أما تصريحات الدكتور جابر نصار فى هذا الشأن فقد جاءت متناقضة، فصرح أولا: إنه ليس فى دولة دينية حتى يطلب رأى مفتى الجمهورية فى أمر يخص العملية التعليمية، وتابع :" لم نحصل على تأييد مفتى الجمهورية فى قرار منع عضوات هيئة التدريس المنتقبات من إلقاء المحاضرات وهن منتقبات ولم يعنينا هذا الأمر"، ثم عاد وصرح مرة أخرى: إن المرجعية الدينية الإسلامية فى البلاد هو الأزهر الشريف ودار الافتاء المصرية مضيفا :"وفى حال إعلانهما عدم شرعية قرار منع عضوات هيئة التدريس المنتقبات من إلقاء المحاضرات سأتراجع عن قرارى".
ورغم أننى شخصيا لا أومن بفرضية النقاب كزى إسلامى، ورغم أن القرار يتسق مع طبيعة الواقع، ولكن هل هذا القرار يحارب ظاهرة فى جامعة القاهرة؟ يجيب على هذا السؤال الدكتور جابر نصار نفسه فى تصريحاته بان: قرار منع النقاب بالحرم الجامعى لا يشمل الطالبات ولكن على هيئة التدريس، وأن عددهن لا يتجاوز العشرة، ومع ذلك فهو يزايد فى معركته الوهمية ويقول إنه مستاء ومنزعج من عدم مساندة الدولة له في قراره بمنع التدريس داخل حرم الجامعة مع ارتداء النقاب، وأنه إذا هزم في معركته، لن تكون هزيمة له شخصيًا، لكن الهزيمة ستلحق بالدولة.
لنكتشف فى النهاية أن الموضوع أقرب الى زوبعة فى فنجان، فرئيس الجامعة يصدر قرارا ضد عشر سيدات ويخشى الهزيمة، فهل قرار إدارى يستحق كل هذه الضجة والتصريحات، إنه كدون كيشوت يحارب طواحين الهواء؟
ويبدو ـ والله أعلم ـ أن المتاجرة بالدين فى الشارع المصرى ليست لعبة أحزاب الاسلام السياسى فقط!