المساء
محمد جبريل
دروس من أكتوبر
عندما دخلت حياتنا تعبيرات جديدة مثل حرب العبور وانتصار أكتوبر وجيل أكتوبر وغيرها. فمعني هذه التعبيرات أنها تمثل مرحلة بين ما قبل وما بعد. ما قبل حرب أكتوبر ممثلاً في تأهب المصريين للخلاص والهزيمة. وخوض حرب الاستنزاف التي وضعت قواتنا المسلحة في وضع اكتمال الاستعداد للعبور إلي النصر.
تحققت في انتصار أكتوبر آلاف البطولات التي بذل فيها المقاتل المصري حياته دفاعاً عن عقيدة الانتماء إلي الوطن. ثمة المقاتل الذي وضع جسده فوق الاسلاك الشائكة. ليعبر من فوقه زملاؤه. إلي حيث يختبئ جنود العدو. وثمة المقاتل عبدالعاطي صائد الدبابات. وبطولات معلنة ومجهولة لمئات الآلاف من المقاتلين. منذ الضربة الجوية الاولي. وإزالة خط بارليف. واقتحام الدشم والتحصينات. والتقدم في أرض سيناء.
الانتماء هو الخاصية الاولي التي تأكدت في المواطن المصري. وهي التي دفعته إلي تحقيق انتصار اكتوبر. الخيال العبقري لعلماء ومهندسين وضباط مصريين. غزل نسيج النصر بخطط تكتيكية واستراتيجية. واللافت- طيلة فترة الحرب- اختفاء الجريمة بما أتاح للجبهة الداخلية مساندة قواتنا في معارك العبور. واختفت مظاهر التسبب والانفلات وتجاهل ضرورات العمل. وتأكد التكافل بين المواطنين. وانتظم الاداء الحكومي. اختفي كذلك ما عاناه المجتمع المصري من خلافات حزبية وأيديولوجية. وجدت القوي المختلفة في قيام الحرب ما يلغي خلافاتها. ويتجه بها إلي الهدف الموحد.
التعبيرات التي أفرزها انتصار أكتوبر وجدت تأكيداً لها في الايام التالية للحدث العظيم. وتقويماً للسلبيات التي طرأت علي مسيرة المجتمع في ثورتي يناير ويونيو. وهو ما يدعونا إلي التواصل مع تلك الايام. ننظر إلي ما قبل وما بعد في حياتنا. ما قبل ننفضه ونتخلص من تأثيراته. وما بعد نؤكد ملامحه. ونعمقه.
أخلاق أكتوبر هي المعني الذي يجب ان نستخلصه من تلك الايام التي توحدت فيها وقفة الشعب المصري لاستعادة أرضه وكرامته هذه الاخلاق تتمثل في الشعور بالانتماء وتغليب المصلحة العامة علي مصلحة الفرد. وإزالة التشوهات الطارئة. والسعي نحو التطور والتقدم.. ذلك كله هو ما يجب ان يسم حياتنا. الآن. وفي المستقبل.
إذا كانت مصر قد عانت استلاب إرادتها من قوي انتهازية ومبتزة ومدمرة خلال ما يزيد عن ثلاثين عاماً. فإن من حق الشعب المصري أن يجني ثمار انتصاره في أكتوبر. وهو ما يتحقق بالحرص علي أخلاق اكتوبر وقيمة. والدروس الرائعة التي قدمها المصريون لأنفسهم. وللعالم. حتي يصبح الانتصار عبوراً إلي القيم التي جاءت محصلة رحلة حياة وإبداع لاستاذنا نجيب محفوظ: الدين. والعلم. والعدالة الاجتماعية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف