الأهرام
صبرى الموجى
أكتوبر ..والتضامن العربى!!
تمر السنون وتتعاقب الأعوام، ويظل نصرُ أكتوبر أكبر إنجاز للعسكرية المصرية فى العصر الحديث، فقد استطاعت مصرُ من خلاله - شعبا وجيشا - أن تُحطم أسطورة الكيان الصهيونى، المُسماة خط بارليف، الذى ما انفك جنود إسرائيل يتغنون بقوته وعظمته، التى تجعله فى منعة من أن تطأه أقدام العسكرية المصرية !
ورغم كثرة ما أُريق على تراب سيناء من دماء الشهداء الطاهرة، إلا أن مصر تمكنت، بعزيمة لا تعرف اليأس، من أن تنتصر للكرامة الإنسانية، وتضرب أروع أمثلة الدفاع عن الأرض، والعرض .
فى تلك المعركة، كان جنودنا أشبه بمارد خرج من قمقمه ، وانبرى يُلقن العدو دروسا فى الوطنية والفداء، ستظل أبد الدهر منهلا للباحثين عن الحرية والكرامة.
إن انتصار أكتوبر هو ملحمة وطنية قادها الشعب قبل الجيش، حيث انصهرت كل أطيافه فى بوتقة واحدة، مُنحية الخلافات السياسية والمذهبية، وجعلت همها الأوحد، هو التخلص من براثن عدو غاشم، اقتحم الديار وسلب الأموال، وسام الأطفال والنساء ويلات العذاب.
والعبرة من استحضار أكتوبر، ليست التغنى بأمجاد الآباء والأجداد، الذين حققوا نصرا مؤزرا سيبقى فخرا لكل الأجيال، بل العبرةُ هى استلهام تلك الروح الوثابة، التى تحلى بها المصريون آنذاك؛ لتحول دون سقوط كثير من المصريين فى غياهب اليأس والإحباط اللذين بدآ يسريان فى نفوسهم مؤخرا؛ جراء ما يحدث من اضطرابات وخلافات وغلاء فى الأسعار، التهم كل دخول الأسر، وشابت له رؤوس أرباب البيوت !
العبرة من نصر أكتوبر هى تعلمُ الدروس المُستفادة، ومنها قوةُ الإرادة المصرية، التى حققت للشعب ما أراد، وحقا صدق قول أبى القاسم الشابى: إذا الشعبُ يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر!
تلك الإرادة التى هانت معها كل الصعاب، وسالت من أجلها دماء شهدائنا الطاهرة، وأضحت معها النفسُ رخيصة؛ طمعا فى تحقيق غاية عظمى وهى النصر على العدو.
ومن دروس أكتوبر التى أهملناها كعرب، مايسمى بـ (التضامن العربى)، الذى استُغل كورقة رابحة فى حرب أكتوبر، حينما تكاتفت دولُ النفط ، واستخدمت سلاح البترول بقوة وكفاءة للضغط على إسرائيل وحلفائها.
والمؤسف أنه فى ظل انشغال كل دولة بهمها الداخلى، وبما يموج على أرضها من فتن داخلية، تعرضت سوريا لأقسى حملات القصف والذبح والتدمير، التى رُملت بسببها نساء، ويُتم أطفالٌ، وأبيدت قرى بأكملها !
واستلهاما لروح التضامن التى نتعلمها من نصر أكتوبر لابد من أن نهب لنصرة إخواننا فى سوريا؛ مخافة أن تدور الدائرة، ولن نملك ساعتها إلا أن نقول ما قاله الثور الأسود، بعدما دارت عليه الرحى : إنما أُكلت حينما أكل الثور الأبيض!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف