الأخبار
عبد القادر شهيب
وزراؤنا ملائكـة!

ما يدعو للدهشة والتعجب أننا بعد ثورتين مازلنا نحظي بوزراء من هذا النوع، الذين يعتبرون أنفسهم ملائكة لا يخطئون وأنهم وحدهم هم المخلصون

«لا أنني وزير فأنا لا أنطق عن الهوي ولا أقول الا الحق، ولا يأتيني الباطل من بين يدي، وأملك وحدي حصريا الحقيقة كلها!».
للأسف هذا هو لسان حال بعض وزرائنا الآن!.. انهم يتصورون انهم وحدهم الذين يعرفون الصالح العام، وبالتالي لا يجب ان يخالفهم أحد. الرأي او ينتقد ما يقولونه ويتخذونه من قرارات وما يقومون به من أعمال واجراءات!.. بل انهم يعتبرون من يقول لهم شيئا مخالفاً لما يرونه او يعملونه أنه يردد اكاذيب ويستقي معلوماته من اشخاص غير اسوياء نفسياً، إما موتورين أو حاقدين، او علي الاقل من حزب اعداء النجاح!.. انهم لا يتصورون ان هناك غيرهم من يهتم بالصالح العام، ويؤرقه وجود اخطاء تؤثر سلبا علي مسيرتنا الوطنية، ويرفع صوته مدافعاً عن هذا الصالح العام ولتصحيح الاخطاء وتقويم المسيرة وتحقيق ما ننشده من خير لبلدنا!
هؤلاء يعتقدون - أو هكذا يصورون لأنفسهم - أن كل من سبقهم في مناصبهم الوزارية كانوا من الفاشلين او الذين لا يفقهون شيئا في الإدارة ولا يراعون الصالح العام، وأنهم وحدهم هم الذين يفهمون ويحتكرون الصواب والحقيقة، وسوف يصلحون الحال المايل وتقويم المسيرة ويحققون المعجزات.
انهم للاسف يتخيلون أنفسهم ملائكة وغيرهم مجموعة من الشياطين وينسون انهم بشر مثلهم كبقية البشر، قد يصيبون وقد يخطئون.. وانهم لايملكون وحدهم حصريا الحقيقة ولايحتكرون بمفردهم الصواب، وأن اعمالهم وتصرفاتهم وقراراتهم محصنة ضد النقد علي غرار ما فعل الرئيس الأخواني الأسبق محمد مرسي حينما منح نفسه حصانة إلهية لكل قراراته السابقة والقادمة من الطعن عليها أمام القضاء، وهو السبب المباشر الذي اثار غضبا واسعا وعاما داخل مصرضده وضد جماعته كلها التي سعت لفرض حكم فاش مستبد علي بلادنا.
وبذلك يحكم هؤلاء الوزراء الذين يضعون ذواتهم في مصاف الملائكة علي أنفسهم بالفشل، لأنهم يغلقون اذانهم عما يقال لهم حول ما يقومون به من أعمال ويتخذونه من قرارات، وقد يكون في بعض ما يقال ما يفيدهم ويساعدهم ويقيهم من الوقوع في أخطاء قاتلة أو يمنحهم فرصة لتحقيق النجاح في أعمالهم وإدارة شئون وزاراتهم.
وهكذا.. عندما يتصور هؤلاء الوزراء تحديدا أنهم وحدهم ملائكة وأن غيرهم من سبقوهم في تقلد المنصب الوزاري أو ممن يقدمون لهم النصيحة المخلصة شياطين، فإنهم يسلكون طريقا خاطئا لن يقودهم بالقطع الا للاخفاق.. لانهم يحكمون علي أنفسهم بالعزلة والعيش في عالم افتراضي غير حقيقي من صنع خيالهم، ولذلك لن يتمكنوا من تصحيح ما يقعون فيه من أخطاء أو يراجعون الحسابات غير السليمة التي اتخذوها وتحتاج لمراجعة.
وما يدعو للدهشة والتعجب أننا بعد ثورتين مازلنا نحظي بوزراء من هذا النوع، الذين يعتبرون أنفسهم ملائكة لا يخطئون وأنهم وحدهم هم المخلصون والذي سيحققون ما أخفق في تحقيقه من سبقوهم من الوزراء، ولذلك يبدأون أعمالهم بنسخ كل ما قام به هؤلاء السابقون واتخاذ قرارات تتناقض معها، ويعتبرون أي نقد لهم هو كلام يقف وراءه موتورون وحاقدون يستهدفونهم ولا يبغون لهم النجاح، إنما يريدون إفشالهم.
ومن المؤكد أن هذا ليس قضاء الله وقدره الذي لا راد له بالقطع.. فهذا من صنعنا نحن.. فنحن الذين لم نعتبر بعد من طريقة اختيارنا لوزرائنا بل كل مسئولينا.. ومازلنا نشكو من صعوبة الاختيار لهم، ولذلك تأتي أحيانا اختياراتنا غير موفقة.. وكما يقول كاتبنا الكبير الاستاذ مكرم محمد أحمد نحن لدينا عدة أجهزة للكشف عن الفاسدين والمنحرفين وليس لدينا جهاز واحد للبحث عن الاكفاء الذين يصلحون لتولي مقاعد الوزراء وكل المناصب القيادية في بلدنا، ولذلك لا نصل لمن يصلحون لتولي هذه المناصب ويملكون الكفاءة والقدرة علي تولي المسئولية.. ولذلك حان الوقت لنغير من طريقتنا وأسلوبنا في اختيار مسئولينا ولا يكفي الاعتماد علي تقارير الرقابة الادارية فقط.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف