الأهرام
وسام ابو العطا
إما المسجد و إما السجن
فى رائعة وحيد حامد السينمائية (معالى الوزير) والتى جسدها الاسطورة الراحل أحمد زكى حيث تدور أحداث الفيلم عن وزير فاسد يعانى من عدم القدرة على النوم بسبب الكوابيس التى تهاجمه بعد ان فسد ضميره الذى فاحت رائحته حتى طالت منامه وحرمته من أبسط حقوق البدن والعقل والروح، وهو النوم .
والمتابع لسياق الفيلم سيجد ان الوزير لم يذق طعم النوم طوال الأحداث إلا مرتين، مرة فى المسجد حينما انتحل صفة عابر سبيل، و مرة أخرى فى السجن حينما انتحل صفة مدمن ،،،، توقفت كثيرا أمام هاتين الاشارتين، فوحيد حامد لا يسطر سطرا إلا و ورائه فلسفة ما أو حكمة مستترة.
فالإنسان لكى ينام و يستريح و يلقى بروحه فى الفراغ ، فلابد له ان يشعر بالأمان ، ففى أحداث الفيلم ،نام الوزير الفاسد فى المسجد هربا من شياطين الجن فهو فى معية الله و فى بيته ، فمهما بلغت ذنوب الانسان , فلابد له ان يشعر بالامان النفسى و هو فى بيت الله عز و جل , حتى اذا كان الشخص قاسى القلب و بلا ضمير حى , فانه فى ضميره الغائب يعى تماما ان الله لن يؤذيه فى منامه .

اما فى السجن فكان هروبه من شياطين الإنس حيث حماية الحكومة التى تحميه من أعدائه و ممن يريدون الفتك به , وقد يقول البعض كيف ينام الانسان و هو فاقد لحريته و للاهليته , قد يكون هذا صحيحا , و لكن فى النهاية هو أمن لان هناك باب محكم مغلق عليه , و جنود اشداء لن يسمحوا بهروبه كما انهم لن يسمحوا لاحد بان يؤذيه , فينام ملء جفونه , ففى قرارة نفسه يعى تماما بانه يقضى عقوبته على ما اقترفه من جرائم.
فى النهاية , الانسان لايمكن له ان يغفل و لاينام الا اذا احس بالامن و الامان .

اذن الأمن هو البداية ، ليس فقط الأمن بمعناه العسكرى .
أمن الطفل بين أحضان والديه .
أمن الفقير من سطوة الجوع .
أمن الضعيف من بطش القوى .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف