صلاح عطية
حتمــــــا ســـــــيفيقون.. ولكـــــــن متأخــــــــــــرين
من المبكر جدا الحكم علي ما يجري الآن في سوريا.. بعد أن انتزعت روسيا زمام المبادرة وأخذت علي نفسها وبنفسها مواجهة اسطورة داعش التي رسمتها بعناية وبرعاية أيضا مخابرات أمريكا التي تعهدت مثل هذه الجماعات بالإنشاء والتدليل لتحقيق مآربها حتي إذا خرجت عن النص ادعت محاربتها.. وهي لا تفعل غير ذر الرماد في العيون من ناحية وارجاعها إلي النص الذي خرجت عنه من ناحية.
الآن الموقف يتغير.. روسيا تمسك الأمر بيديها بعد أن أحكمت وضع خططها وأعدت له الأمر جيدا وهيأت المسرح الغاضب مما تفعله أمريكا وبعد أن كانت أمريكا تدعي ان القضاء علي داعش سوف يستمر عشر سنوات اختلف الموقف مع روسيا واختزل إلي ثلاثة شهور.. ثلاثة شهور فقط تدك فيها روسيا حصون وملاجيء داعش.. ومن يتحالف معها سرا أو علنا.. ويتقاسم الأدوار علي الأرض.. اما تمهيدا لداعش واما استلاما من داعشا.. روسيا الآن تدرك تماما ما يجري علي الأرض وتعرف كيف تواجهه بعيدا عن آلاعيب الشيطان الأمريكي الذي ترك داعش تسير عشرات الكيلو مترات مكشوفة في الصحراء حتي تصل إلي لؤلؤة الصحراء لكي تدمرها دون ان يفكر أو يحاول حتي ذرا للرماد في العيون أن يعرقل مسيرتها إلي التدمير لأنه بصراحة هو بلا تاريخ.. يريد أن يقضي علي كل معالم تاريخ وحضارة شعوب هذه المنطقة ويدمرها تدميرا.
روسيا الآن تمسك الموقف بيديها وترتفع الصيحات بأن غاراتها اصابت المدنيين وهي صيحات كاذبة منافقة وهي دليل علي ان روسيا اصابت الهدف الذي تعامت عنه أمريكا وهل تستطيع أمريكا ان تنكر ان ضرباتها التي زادت من ثورة داعش.. لم تصب أحدا من المدنيين ولكنها أمريكا والإعلام الأمريكي الذي يمارس لعبته في مساندة الأجندة الأمريكية.
تتباكي أمريكا علي الجيش الحر الذي دربته مخابراتها وطبعا لن تعترف بأنه حلقة من حلقات تدمير سوريا كالنصرة وداعش وباقي طوائف الإرهاب التي تداعت من كل مكان لا لنصرة سوريا بل لالتهام سوريا.. الجريمة التي تتداعي عليها الجوارح.. قتلا وتدميرا.
وتتباكي أمريكا علي سوريا التي تركتها تنزف خمس سنوات لعل الأسد يسقط وحده وتتمكن من تنفيذ مخطط التقسيم ويتمكن الإرهاب منها فيقضي علي ما بقي منها في تناحر عناصره ولكن الأمر اختلف.. وسوف يختلف كثيرا كلما تقدمت روسيا في ضرباتها جوا والتي ربما تتطور أيضا أرضا ولن تستطيع أمريكا ولا من معها فعل شيء فقد خرجت المبادرة من ايديهم ولن يصل الأمر ابدا - في تقديري - إلي صدام بين الروس وغيرهم ولن يصل الأمر أيضا إلي حرب عالمية كما بدأت الصحف والإذاعات تقول سيستمر ذلك الخوف أو الحذر من حرب عالمية ثالثة كلما ازدادت روسيا قوة في ضرباتها وزاد عدد الذين يعلنون تحالفهم سواء الصين أو كوريا الشمالية أو غيرهما وسيزداد حديث الحرب العالمية الثالثة ارتفاعا وترددا بين المعلقين والكاتبين ولكنه أمر بعيد تماما ولقد سمعنا هذا الحديث في موسكو وأنا عائد من اسبوع بعد زيارة لها تطرقت أسبوعا ايضا.. سمعت حديث هذه الحرب من اكثر من مصدر واكثر من جنسية ما بين روس وما بين مقيمين في موسكو أو عابرين لها.
ومع هذا لا اتوقع الوصول إلي هذا.. ولا اظن أحدا يمكنه ادراك طبيعة الأمور.. طبيعة العصر.. طبيعة السلاح في يد كل طرف.. لا اتوقع لأي من هؤلاء ان يقول بحرب عالمية ثالثة علي أرض سوريا أو من أجل سوريا رغم كل ما يمثله الوضع الحرج في سوريا من تحد لإرادات عديدة بعضها كان يظن انه قاب قوسين أو أدني من تحقيق أوهامه.
ولكن ربما.. وفي اسوأ الظروف تصل الأمور إلي حافة الهاوية.. من صدام محتمل ولكنها لن تصل إلي الهاوية واقصي ما يمكن أن تصل إليه.. أن يجلس المتصادمون.. إلي حلول وسط.. تفرضها الحقائق الجديدة علي الأرض أو بمعني أدق.. عمليات التصحيح علي الأرض التي تقوم بها الضربات الروسية وعندئذ سوف يكون السؤال الذي سيثور حلول وسط لصالح من وعلي حساب من؟ أكبر الظن بل المؤكد انها لن تكون لصالح الأمريكان.. لأن الأمريكان كانوا قد مضوا في مخططهم إلي قرار النهاية وحان الآن الوقت لكي يمسكوا بأذيالهم ويعودوا من حيث حاولوا إلي الحقائق التي نرجو أن يفيقوا عليها والمؤسف ان الأمريكان يفيقون دائما متأخرين ولكنه حتما سيفيقون والفضل للدب الروسي.