لم أعتد أن أدفن رأسي في الرمل، بل علّمني والدي، رحمةُ اللهِ عليه، لواء مهندس محمد مازن، الشجاعة وأن أكون مرفوعة الرأس، لديّ القدرة على المواجهة ما دام لي حق وما دمتُ على حق، وأذكر والدي بشدة اليوم خاصة أنه كان قائد كتيبة في حرب ونصر أكتوبر العظيم!
هذه السطور السابقة هي إهداء لروح والدي العظيم، التي صعدت لبارئها في شهر أكتوبر العظيم، سأفخر به دوما حتى أخر يوم في عمري، لتربيته لي وغرسه للمبادئ والقيم في أسرتنا، قيّم ربما ضاعت اليوم في مجتمعنا، في خضّم الأحداث التي نعاصرها، وربما أيضا، مع الأسف، أصبحت خارج اهتمامات الآباء في زمن غابت فيه المُثُل، وطغت فيه المادة على كل شيء، زمن طغى فيه المظهر على الجوهر!
أعلم أنني أطلت في المقدمة، لكن أرى أنها كانت ضرورة لموضوع اليوم.. كتبت الأسبوع الماضي بعنوان: (الحرة لا تأكل بجسدها).. في إشارة لحديث تامر أمين عن رفضه ترشح راقصة في البرلمان لتمثيل المجتمع!
و كما تعلمون قرائي الأعزاء، مدى حرصي على مطالعة كل رسالة تردني منكم تعليقا على المقال.. فتلقيت الكثير من رسائل التأييد في بريدي الخاص، بينما حصلت على رسالتين أخريين، تعترض على وجهة نظري، الأمر الذي أقبله واحترمه، إلا أن أحد هاتين الرسالتين، (باللغة الإنجليزية) وصدمتني، فصاحبها، ويدعى مروان حيث قال حرفيا إنني أقصف المحصنات، لوصفي الرقص بأنه يحض على (العُهر والرذائل).. بينما يرى السيد مروان، أن الرقص هو نوع من الفن، حتى لو كان للأقلية، فمن حق الأقلية على المجتمع أن يُحترم وجهة نظرها!
واعترض المواطن على تأييد زميلي"تامر أمين في وصفه للرقص المبتذل بأنها غير شريفة ولا يمكن أن يحترمها المجتمع".
وهنا أقول للسيد مروان بأن الأغلبية الساحقة في هذا المجتمع المتدين، سواء المسيحي أو المسلم، ترى أن الرقص الشرقي بالشكل الذي يتم تقديمه حاليا يحض على العُهر والرذائل.
كما رفض صاحب الرسالة وصفي للرقص بأنه (غير محترم).. بينما أرى أن تعرية الجسد ليست على الإطلاق، نوع من الفن.. فما من شك أن هذا النوع من الرقص (غير المحترم) يهيّج النفوس المريضة ويثير الغرائز، التي لا تعرف سُكناها.. وأرى أنه إذا كان نوعا من الفن، لما تطلب الأمر (اللعب على مفاتن الجسد) وكذا نفخ الصدور للتكسب من وراءها، وإظهار عورات الجسد.
وطالب المواطن المحترم، بفصل الدين عن الدولة، بينما كل ما ذكرته، أننا مجتمع متدين بطبيعته، يرفض الأمور الشاذة، ولم أتحدث هنا عن دين بل سلوكيات، فكل ما ذكرته يدور حول المبادئ والأخلاق التي ينشأ عليها المجتمع.
أما رسائل الأغلبية، فقد اتفقت مع رأي المهندس حسن يوسف الذي اقتطفت جزءا من رسالته وأعتذر عن عدم نشرها كاملة، فقال:
سيدتي الفاضلة والإعلامية القديرة (........) الأستاذة ريهام مازن:
كل الاحترام والتقدير والامتنان لكلماتك المضيئة في مقالتك الأخيرة (تجوع الحرة ولا تأكل بجسدها) والتي أوافقك في كل كلمة فيها كعادتنا معك دوما وأوافق واحترم كذلك الإعلامي العفيف القدير تامر أمين على موقفه. وهذه المقالة ذكرتني بحوار دار في أحد الأفلام بين راقصة وسيدة مشاهدة في احد الأفراح حيث تسأل الراقصة في استنكار (هو الرقص ده بقى فن ؟) فتجيب الراقصة بثقة (ايوة طبعا- وفن محترم كمان). وهناك أيضا ذلك الكاتب الشاعر العلماني الذي يشيد بالرقص باعتباره تراثا حضاريا وإبداعا فنيا إلى أخر هذه المنظومة الفكرية المختلة التي لا يكف عن تبنيها إعلاميون من صحفيين ومقدمي ومقدمات برامج على معظم القنوات.
من قلبي: لا أحتاج للحديث والإطالة أكثر، فكل منّا يعلمُ معنى المبادئ والأخلاق، ويعرف كيف يُميزُ بينَ ما هو صح أو خطأ.. كما أعتقد أن لكل منّا "عقل" أنعمَ اللهُ بهٍ علينا، ونعرف إذا كانت من تعرّي جسدها هي مِنَ المُحصنات.. وعفا الله عني وليسامحني ويغفر لي إذا كان ما صدر مني المقصود منه "القصف".. لكن يعلمُ ما في نفسي.. وأستغفر الله لي ولكم، والله على ما أقول شهيد!