أخذ المحقق يفكر ويفكر ثم صار يفكر ويفكر وما زال يفكر ويفكر فى حل سحرى يبعد به وزارة الداخلية وقائدها عن مسؤولية موت 20 إنسانا مصريا أمام ملعب الدفاع الجوى.
الجميع متأكد أن قوات الأمن لم تقم بإطلاق الرصاص أو الخرطوش على الجماهير، لكنها استخدمت الغاز المسيل للدموع مع الضرب بالهراوات الغليظة، وهى أمور لا تسبب الوفاة من الناحية النظرية، لكن.. هل دور الشرطة يقتصر فقط على عدم القيام بقتل الناس أم يمتد أيضا إلى حمايتهم والحفاظ عليهم من كل سوء؟
وزير الداخلية هو المتهم الأول فى هذه القضية نتيجة للأخطاء المهنية والخطايا الكارثية التى ارتكبها رجاله فى التعامل قبل وفى أثناء وبعد حدوث المجزرة البشرية لعدة أسباب:
1- عدم وجود خطة محددة للسيطرة على الأعداد الغفيرة المتوقع حضورها، بل ترك الأمر لتقديرات القيادات الموجودة فى الموقع، والتى أثبتت النتائج أنها تفتقد أدنى مقاييس الكفاءة وتفتقر إلى أبسط درجات الحكمة.
2- إجبار الجماهير على المرور عبر ممر حديدى أشبه بأقفاص الحيوانات -تمت إقامته خصيصا لهذه المناسبة- تنافى مع كل معايير السلامة الدولية ويخالف قواعد حقوق الإنسان المعمول بها فى كل أنحاء العالم المتحضر.
3- تحديد منفذين فقط لدخول أكثر من 10 آلاف مشجع مع حصرهم داخل ممرات ضيقة هو مخاطرة فعلية بأرواحهم لأنهم معرضون للتدافع والدهس بالأقدام فى أى لحظة.
4- قرار إطلاق الغاز بهذه الكثافة داخل مساحات محدودة هو قرار بالإعدام خنقًا دون رحمة. النظم الأمنية المتعارف عليها تمنع استخدام قنابل الغاز داخل الأماكن المحددة بأسوار من الجانبين لأنها تحرمهم من فرصة الهرب للنجاة بأرواحهم. لماذا لم يتم استخدام خراطيم المياه ومكبرات الصوت لتفريق الحشود أو حتى إخبارهم بإلغاء المباراة؟
5- البيان الرسمى الصادر عن وزارة الداخلية أكد أن السبب الرئيسى للأحداث الدامية هو حضور أعداد كبيرة حاولت الدخول بالقوة رغم أنها لا تحمل تذاكر، مما اضطر القوات للتصدى لها! الكل يعلم أن أعضاء الألتراس اعتادوا دخول المباريات دون تذاكر، وبالتالى كان يجب الاحتياط لهذا الأمر وعمل التدابير المسبقة لمنع وصولهم إلى محيط الاستاد.
إذا حدثت كارثة من هذا النوع فى أوروبا والدول المتقدمة فإن القيادة السياسية لا تنتظر أن يتقدم وزير الداخلية باستقالته، بل تقوم هى بإقالته فورا تمهيدا لتقديمه إلى محاكمة جنائية وشعبية بتهمة الإهمال الجسيم الذى أدى إلى وقوع ضحايا أبرياء.
هل يستجيب الرئيس السيسى لهذا المطلب الجماهيرى الملح الذى تعاظم بشدة بعد أن أحال اللواء محمد إبراهيم حياتنا إلى جحيم حقيقى بإجراءاته القمعية المستفزة خلال زيارة الرئيس الروسى؟