الأهرام
سكينة فؤاد
عن غطاء الوجه‏..‏ وفساد لا يصدقه عقل‏!‏
قضية غطاء الوجه التي تعلمتها بعض نساء مصر في القرن التاسع عشر من الثقافة العثمانية ـ فالفلاحة والمرأة في الحضارة المصرية القديمة لم تعرف هذا الغطاء الذي حسمته نساء مصر وهن يشاركن في معارك تحرير بلدهن, والخروج للتصدي للاستعمار الانجليزي في مظاهرات سقطت فيها شهيدات برصاص المحتل في عشرينيات القرن الماضي.. وهن يشاركن في معارك تحرير بلدهن كن يفتحن الطريق لتعليم ملايين الفتيات حيث كان تعليم البنت أحد محظورات ونقاط مقاومة الاستعمار.. هذه الثورة العظيمة للنساء التي أهدت مصر مئات الآلاف من الخريجات, وبينهن الاستاذات الجليلات اللائي شاركن في تكوين أعظم الأجيال من الرجال والنساء, دون أن يخشين علي أنفسهن.. وعفتهن!! من بعض الهذيان العقلي والجنسي الذي نسمعه الآن ويعيدنا الي قضايا حسمت منذ النصف الأول من القرن الماضي ـ قضايا اصطنعها وزرعها الاستعمار وهو يشكل ويمول جماعات باسم الدين تشق الصف وتمزق النسيج الوطني وتأخذه إلي صراعات سياسية, وتحت عباءة الدين تشتعل الفتن التي تشعل وتفجر الوطن وتريد تحويله الي بحور وأنهار من دماء!!
أستاذة الجامعة التي لا تدرك وهي تدخل لتلقي محاضرتها أنها في محراب علم له احترامه وقدسيته التي تغنيها عن نقاب يغطي وجهها لا أظن أنها تستحق الموقف والمكانة والأستاذية.. ولا أريد أن أعمم الحكم علي جميع المنتقبات, وأن الأمر في النهاية محض مخادعات سياسية تصطنع وتؤكد رموزها وهي تصنع من الدين غطاء لفاشية وتطرف ديني... من تخشي علي نفسها من مجتمع تري أنها لا تستطيع أن تأمن له فلتبتعد عن التعامل معه لأن من حق المجتمع أيضا أن يرفض ما يري أنه في جانب كبير منه يمثل جماعات لا تحترم هويته الثقافية, وحضارته وإيمانه الوسطي العميق, لا أريد أن أطيل في جدل مرضي حسمته نساء مصر في أوائل القرن الماضي, ومحسوم أيضا بعدم إقامة تناقص بين احترام حق المجتمع وحق الفرد, ومحسوم بضرورة إسكات المقارنات الفاسدة بين المستورات والعاريات وإساءته لمن لا يرتدين النقاب من أستاذات فضليات وسيدات محترمات وفلاحات مصريات يعرفن ما يجب أن يكون عليه مظهرهن وملابسهن من وقار واحتشام, ومحسوم برأي دار الإفتاء أن النقاب عادة وليس عبادة, وآراء أساتذة أجلاء منهم أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر د. آمنة نصير, إن قرار رئيس الجامعة حكيم يتفق مع طبيعة مهمة الأستاذة الجامعية, وهي تؤدي مهمتها الجليلة أمام طلبتها, وأن النقاب وتغطية المرأة من أعلي رأسها إلي أخمص قدميها هو شريعة يهودية, وأن أصول النقاب تعود إلي هذه الشريعة, وأنه عندما جاء الإسلام وجده متأصلا في الجزيرة العربية, فلم يقبله ولم يرفضه, ولكنه لا علاقة له بالإسلام الذي فرض الزي المحتشم الذي يضفي جمال الوقار.
>>>
> هل نحن جادون في محاربة الفساد؟ نعم.. أثق أن دولة6/30 جادة في محاربة الفساد.. لكن كيف يمكن محاربته بقوانين وضعها نظام فاسد قنن وشرعن الفساد ليحمي نفسه وكل من أقام أركانه علي فسادهم, ويخرج سليما معافي كما نشهد الآن؟!
ابتداء تتحول مجموعة من البرامج التليفزيونية الجادة إلي بانوراما يومية لعرض وقائع الألم المصري, وعجائب ومدهشات ما يعيش تحته المواطنون من صنوف إهمال طبي, وانهيار تعليمي وأخلاقي, ومدارس في ذرائب وحظائر, ومستشفيات للموت العاجل, وأطباء كبار مشغولين بعياداتهم الخاصة, وأطباء صغار تلقوا تعليما طبيا هزيلا, وعاملات بالتمريض تؤدي ممارساتهن إلي إصابة مريضات بعاهات مستديمة, وحضانات ورعايات مكثفة تحولت إلي مأوي للذباب والحشرات, من يحاسب من؟! وأين القوانين المشددة التي تردع وتخيف وتوقف طوفان هذه الجرائم بعد أن غابت الضمائر!! نعم حصاد عشرات السنين من الجرائم التي ارتكبت بحق هذا الشعب, ولم تجد من يأخذ حقه ويحاسب من أداروها وحلبوا خبراتها وملياراتها وقاموا بتهريبها للخارج, وما زالوا يتمتعون بمزايا بلا حدود.. ولكن ماذا بعد أن مرت نحو خمس سنوات علي انتفاضة وغضب وثورة الشعب.. متي تكون البدايات الصحيحة.. وهل يمكن أن توجد بدايات جادة ما لم تكن هناك قوانين تردع وتطبق أقصي العقوبات علي جميع من يحاولون مد فساد وإفساد الأمس إلي اليوم وغدا.. إن لم يحدث هذا فنحن نتوهم إمكان محاربة الفساد بقوانين ترعي وتحمي الفساد.
نموذج أو مثال يخرج عن حدود قدرة العقل علي التصديق, مع أن الواقع يقول إنه ممكن وببساطة, بل ويستطيع من ارتكب الجرم اللامعقول الذي أثبتته تحقيقات رسمية أن يفلت بعقوبة هزلية!! كيف يستطيع ثلاثة مسئولين, كما جاء في بعض البرامج وكما نشرت صحيفة الدستور الخميس8 الحالي, أن يقتطعوا لأنفسهم مكافآت قيمتها مليار جنيه في عام واحد, في صورة بدلات جلسات بلغت60 لجنة بواقع7 آلاف جنيه عن كل جلسة.. ماذا كانوا يفعلون في الجلسات الستين في عام, الذين تقاضوا وفق المنشور7 آلاف جنيه عن كل جلسة!! وكيف أتيح لهم أن يقتطعوها من استحقاقات أصحاب المعاشات المحرومين من حقوقهم في هذه السنوات الأثقل والأقسي من العمر.. هذه المخالفات والجرائم التي ارتكبت بحق أموال التأمينات والمعاشات, والتي لم تجد استجابات لجميع محاولات إنقاذها ورد بعض عوائدها لأصحابها, وآخرها ما أعلنه البورسعيدي المحترم رئيس اتحاد المعاشات البدري فرغلي, أنه طلب من المستشار أحمد الزند فتح تحقيقات حول ما حدث لـ585 مليار جنيه, وما تعرضت له من جرائم واعتداءات لم تتوقف حتي الآن.. وأبلغ دليل النموذج الصارخ لجريمة المليار.. ولا تنتهي المدهشات في استقواء الفساد بقوانين تمنحه الحماية, فالتحقيقات التي أثبتت وقائع ما حدث لم تستطع أن تلزم برد البدلات, وأن أقصي العقوبة المتاحة كان غرامة خمسة آلاف جنيه علي كل واحد من المسئولين الثلاثة, وأعلن القاضي أسفه علي هذا الحكم لأن يده مغلولة, وأقصي عقوبة متاحة له هو ما حكم به.
وماذا يريد الفساد أكثر ليرتع ويستقوي ويخوض حربا شرسة ضد كل من يقاومونه؟!
> لجنة الإصلاح التشريعي التي بادر الرئيس إلي تشكيلها فور توليه الرئاسة, لماذا لم تسارع إلي إصلاحات عاجلة للقوانين التي دعمت الفساد والإفساد, واستقوت بها هذه القوي التدميرية التي تقاوم الآن محاولات تماديها وتغولها وسلبها مكاسبها المحرمة, أيضا لم أجد لقوانين محاربة الفساد ذكرا واهتماما في برنامج الحكومة الذي أعلنت أنها ستتقدم به إلي مجلس النواب ونشرته الأهرام10/7, وكما مطلوب تشديد عقوبات جرائم الفساد, مطلوب توفير الحماية لمن يقومون بالإبلاغ عنها, في كشف وقائع صرف بدلات المليار, فهمت أن من قاموا بالتبليغ عنها تعرضوا لإجراءات استبعاد ونقل من أماكن عملهم, وفشلوا في لقاء الوزيرة غادة والي, هل هذا حقيقي؟! وإلي متي سيظل الفاسدون يستقوون بقوانين تدلل فسادهم, وتتيح الاستيلاء علي أموال صناديق تبدو كالكائنات الخرافية لم تتضح حقيقتها حتي الآن, وما هو الموقف الحقيقي لأموال واستحقاقات أصحاب المعاشات؟!
> إلي متي يستمر إهدار المال العام وتوزيع المليارات بهذه البساطة, أظن أن نسبة ما يكتشف إلي ما لا يكتشف لا تتجاوز10%, كما ضاع ونهب وسرق واستحل, ومازالت لا توجد العقوبات والقوانين المشددة التي تخفف عن المواطن وترد عليه بعض أمواله وثرواته المضيعة, خاصة بعد أن وصلت أعباء وأسعار الحياة إلي ما لا يستطيع أن يتحمل أو يطيق, بينما المحور الأول لبرنامج الحكومة كما نشر في الأهرام10/7, تحقيق العدالة الاجتماعية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف