الجمهورية
ثناء حامد
مفاتيح الشخصية المصرية
عندما وصف المؤرخ المصري عبدالرحمن الرافعي الشخصية المصرية والمصريين في كتابه الرائع عن ثورة 1919 منذ ثمانين عاماً مضت بأنه شعب يدهشك بمدي وعيه وإدراكه ووطنيته التي تصل إلي حد الاحتراف السياسي رغم الصورة التي يبدو عليها من البساطة الشديدة والرضاء بالواقع الاحتلالي الذي فرض عليه.
كان محقاً المؤرخ العظيم فهذا الشعب آل علي نفسه أن يدهش العالم كله حقبة زمنية.. فكانت نهاية الأمبراطورية البريطانية علي يده في ..1956 وكرر نفس المعجزة مرات ومرات مروراً بحرب أكتوبر التي أنهت الغرور الإسرائيلي والقوة التي لا تهزم ووصولاً إلي زعزعة عرش القطب الأوحد علي العالم وإفشال مخطط أمريكا وأوروبا لسيكس بيكو جديدة وتفتيت المنطقة لصالح المدللة إسرائيل.. تم هذا كله ببساطة شديدة ووعي وإدراك بحجم المؤامرة وفيما يشبه المعجزة.
ورغم هذه الصلابة والوعي الجمعي الذي يحرك ملايين البشر في اتجاه واحد ودون اتفاق مسبق وكأنه جسد واحد في شكل كتلة بشرية.. ورغم العناد وإرادة الرفض العجيبة التي تلفظ من يتجاهله أو يتعالي عليه.. إلا أن من السهل أن تجد مفاتيحه.. وسبق فعلها جمال عبدالناصر عندما انحاز للفقراء والمعدمين وأطلق قوانين الإصلاح الزراعي.. وأعاد للطبقة المتوسطة كرامتها وعزتها.. واهتم بشرائح المجتمع بشكل أبدي حميم.. فذاب الزعيم في شعبه حتي صار قطرات من تركيبة دمه.
وها هو يفعلها عبدالفتاح السيسي ثانية عندما تحدث في الكلية الحربية وفي يوم العزة والنصر عن مدي إحساسه بالمواطن البسيط ومحدود الدخل.. ومعني هذا إحساسه بـ99% من أبناء شعب مصر - برغم ان كلماته بسيطة وموجزة ولكنها تقطر صدقاً حقيقياً.. وإحساساً يصل إلي حد الشفافية بما يعانيه المصري.. فكانت كافية ان تغير الروح المعنوية للمصريين وتعيد لهم الأمل في غد أفضل.. وخاصة عندما اعترفت القيادة السياسية أن ثمار التنمية لم تصل بعد للبسطاء.. ووعد حقيقي بالعمل وسريعاً ليغير هذا الواقع.. ومع الالتفاف الجارف حول هذه القيادة.. كانت كلماته تجديد عهد.. وصياغة ميثاق عاطفي بين شعب أعطي كل ثقته وقائد يعمل في كل دقيقة من يومه لتصل ثمار الرخاء إلي كل مصري.. فهو حقاً رجل لا ينام ولا يهدأ.. أملاً في أن يجد المصريون واقعاً جديداً يعوضهم عن سنوات الحرمان والضياع داخل حدود دولتهم.
ولكن وبرغم ان هذا حدث يبقي رجاء واحد.. ألم يأن الآوان لنحقق نجاحات داخلية بقدر ما حققته القيادة السياسية خارجياً.. هل ستشهد الأيام القادمة تركيزاً أكبر علي القضايا الداخلية وأهمها لقمة العيش وتفاقم معدلات التضخم وأزمة التعليم وتوظيف شبابنا.. أليست هذه قضايا تحتم علي الرجل الذي يحس بكل مواطن في بلده أن يبدأ يضع يده في كل ملف علي حدة.. بدليل حل مشكلتي الكهرباء والخبز بمجرد تركيزه عليهما.. فهل يعقل ان هناك مصريين لا يجدون شربة ماء نظيفة حتي الآن.. أعلم أنك تتألم لكل مصري يعاني وأعلم ان قلت بايجاز وهناك الكثير الذي تفعله لأنك ملكت مفاتيح الشخصية المصرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف