كمال حبيب
قصة تحالف الحوثيين وعلى عبد الله صالح مع داعش فى اليمن
*قاسم الريمى يقود داعش لإحباط مساعى «التحالف العربى» لإعادة الدولة
*التنظيم ينظر للإمارات والسعودية كدول «عدوة».. وضرباته تصب فى مصلحة الحوثيين وصالح
اعترف على عبد الله صالح حليف الحوثيين فى الحرب باليمن ضد قوات التحالف العربى الذى تقوده السعودية بأنه كان على علاقة قوية بتنظيم القاعدة فى اليمن وأنه استخدم التنظيم كأداة من أدواته لتطويع أمريكا والغرب وإقناعهم بأن خطر القاعدة فى اليمن لا يمكن السيطرة عليه إلا من خلال تقوية نظام على عبد الله صالح، معادلة الاستبداد والفساد والعلاقات العائلية والقبلية أو الإرهاب.
اعترف بذلك سيد إمام الشريف المصرى الذى سجن فى اليمن بعد أن غادر أفغانستان، وبعد أن ظل يعيش لفترة طويلة هناك قبل أن يتم تسليمه لمصر، لا بل إن المخلوع على عبد الله صالح اعترف فى لقاءات تليفزيونية بعد خروجه من السلطة بأنه كان يستخدم القاعدة كإحدى أدواته فى توازنات حكم اليمن وذلك ليضمن بقاءه فى السلطة، وليضمن بقاء دعم الولايات المتحدة الأمريكية له والغرب.
واعترف مخبر القاعدة هانى مجاهد بأن نظام على عبد الله صالح كان يوظف القاعدة وينسق مع أعضائها تنفيذهم للعمليات ضد الأهداف الغربية فى اليمن، وأن العقيد عمار محمد عبد الله صالح ابن أخى على عبد الله صالح كان يشرف على توصيل المواد المتفجرة لتنفيذ عمليات ضد المصالح الغربية فى اليمن إلى قاسم الريمى القائد العسكرى لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، وأنه حذره من وقوع عدد من العمليات ضد المصالح الغربية قبل أن تقع لكنه لم يلتفت لتحذيراته.
ويشير مايكل شوير «رئيس شعبة الاستخبارات الأمريكية السابق» إلى أن على عبد الله صالح هو ديكتاتور يحمى أعضاء تنظيم القاعدة فى اليمن ويوسع رقعة وجودهم ونفوذهم فى اليمن.
ولم يقتصر توظيف على عبد الله صالح للقاعدة إبان حكمه بل إنه استغلها بعد ثورة شباب اليمن عليه وخروجه من السلطة وفتح الموالين له فى الجيش اليمنى منطقة أبين على مصراعيها لتسقط فى أيدى تنظيم القاعدة، وأشارت تقارير الأمم المتحدة ومجلس الأمن العام الماضى 2014 إلى علاقة المخلوع صالح بالقاعدة وبالتالى فهو خاضع للعقوبات الأممية بسبب نشاطه ذلك، وبسبب عرقلته الانتقال السلمى للسلطة فى البلاد منذ عام 2011.
وتحالف على عبد الله صالح مع الحوثيين الذين دخل معهم فى حرب ست مرات وكان ينهى الحرب كلما قاربت على الانتهاء، فلا يسمح للجنرالات بحسمها، كان يريد أن يبقى الحوثيين هم الآخرين ورقة فى يده، وهو من سهل لهم الوجود فى البداية منذ كانوا حركة ثقافية لتتحول إلى طليعة مقاتلة للزيدية السياسية فى اليمن، وكان مثيرًا للدهشة أن يقاتل الحوثيين وهم حركة تعلن الثورية كجزء من تيار إسلامى يريد التغيير فى العالم العربى إلى جانب على عبد الله صالح، ويتحول الحوثيون إلى تعبير مذهبى طائفى متحالف مع رئيس خلعه شعبه ومعروف عنه فساده، حتى إنه أفسد القبيلة فى اليمن واشترى ولاء القبائل له.
و تنظيم القاعدة فى اليمن تراجع أغلب مقاتليه وبايعوا أبو بكر البغدادى وصار لتنظيم الدولة فى اليمن موطئ قدم قوى، خاصة بعد مقتل قائد التنظيم ناصر الوحيشى الذى كان يرفض الانضمام لداعش والبقاء على ولائه للقاعدة، بينما كان يرى القائد العسكرى للتنظيم قاسم الريمى مبايعة أبى بكر البغدادى وهو-أى الريمى بعد تسلمه إمارة التنظيم خلفًا للوحيشى كما تشير المعلومات يسعى للتخلص من القيادات التى تعارضه فى الانضمام لداعش، والريمى كما أشار مخبر القاعدة الذى أشرنا إلى اعترافاته كان وثيق الصلة بنظام على عبد الله صالح عبر ابن أخيه وكيل جهاز الأمن القومى ورجل الأمن رقم واحد فى البلاد وهو عمار محمد عبدالله صالح، ومن ثم فإن قيادة تنظيم داعش فى اليمن تمثل ورقة رابحة ومؤثرة فى يد رجل اليمن القوى الذى تحاصره الأحداث، ويضيق الخناق حول رقبته.
يفاجئنا داعش بتبنيه لأربع عمليات كبيرة فى عدن الثلاثاء الماضى عبر ما أطلق عليه «ولاية عدن»، هذه العمليات نفذها أربعة انتحاريين بعربات ناسفة إحداها استهدفت فندق القصر الذى كانت تقيم فيه الحكومة، بينما استهدفت الهجمات الأخرى قوات التحالف، وأسفرت عن مقتل 15 بينهم 3 جنود من الإمارات وجندى سعودى والباقون من اليمنيين، المفاجأة فى أنها المرة الأولى التى يستهدف تنظيم داعش قوات التحالف بعمليات كبرى تكشف تصميم التنظيم على اعتبار ما يجرى فى اليمن يمثل تهديدًا لنفوذه واستراتيجيته القائمة على النكاية والشوكة تمهيدًا لمرحلة التوحش وإدارته، ومع تقدم قوات التحالف بعد السيطرة على عدن، والجزء الجنوبى والأوسط حتى مأرب، فإن صنعاء والشمال يبدو المسرح المقبل لعمليات قوات التحالف، وهو ما يعنى التأسيس لعودة الدولة اليمنية التى سيكون الملف الأمنى هو مطلبها الأول وعلى رأسه مواجهة الميليشيات المسلحة وعلى رأسها تنظيم داعش.
وكانت قوات الحوثيين هى الأخرى قد أعلنت تبنيها للتفجيرات بيد أن تنظيم داعش يبدو أقرب للمصداقية فى إعلانه لأنه نشر صور وأسماء الأربعة المنفذين للعمليات على موقعه على تويتر، وهنا تبدو الحيرة لفهم ما يقصده داعش من تلك العملية، والتى ستعقد مهمة التحالف العربى فى اليمن حيث سيكون هناك تحالف بين صالح والحوثيين وداعش.
طريقة تنفيذ العملية تشير إلى أنها لداعش فهى اقتحام لمقار ومبانٍ عسكرية مؤمنة بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، وهنا يثور التساؤل ما أهداف التنظيم الذى نفذ عملياته من قبل ضد الحوثيين ومساجدهم فى صنعاء، كيف يقاتل إلى جوارهم الآن، بالطبع ليس معنى التحالف بين التنظيم والحوثيين وصالح أنهم يقاتلون جنبًا إلى جنب، ولكن عمليات التنظيم تصب فى مصلحة الحوثيين وصالح وهنا يثور التساؤل هل صالح يستخدم ورقة داعش ؟ وهل اختراقه القديم للتنظيم عبر الريمى لا يزال قائمًا، ومن ثم يعمل التنظيم لصالحه ؟
أم أن التنظيم وفق استراتيجيته يرى أنه عدو لوجود الدولة، وأنه يسعى لإسقاط الدول وتفكيكها لخلق حالة من الفراغ تمكنه من خلق حالة التوحش التى تساعده على التدخل لإدارة تلك المرحلة وبسط سلطانه هو على المناطق التى تغيب فيها الدولة أو تضعف، ومع بروق آمال لاحتمالات عودة الدولة اليمنية وعودة رئيس الحكومة لعدن والعمل على ترتيبات استعادة الدولة للفراغ الذى تركه غيابها فى الجنوب أولًا ثم تتجه إلى الشمال، وهو ما أزعج التنظيم، وقرر أن يباغت الجميع بتلك العمليات الأربع الكبرى التى تقول بلا مواربة أنها لن تسمح بوجود دولة يمنية كما يريد التحالف أن يقرر وبشكل عام، فإن التنظيم يرى السعودية أو الإمارات وهما من يقودان عمليات التحالف فى اليمن دولًا عدوة له، واستهدف التنظيم السعودية بعدد من العمليات بينما تطارد الدولة خلاياه وتحاصرها.
تنظيم داعش الموجود منذ عامين تقريبًا فى اليمن تقوى شوكته الآن مع مجئ قاسم الريمى قائدًا له، ومع اختلاط الأوراق والتحالفات فى الحالة اليمنية، فإن صعود داعش وضربه لقوات التحالف بعمليات كبرى أربع فى يوم واحد يشير إلى تعقد وصعوبة عمليات التحالف فى اليمن، ويضعها أمام تحد الأمن باعتباره التحدى الأخطر والأكبر والأهم.