الأهرام
سعاد طنطاوى
أهل الخبرة وأهل الثقة
منذ التحاقى بالعمل الصحفى وأنا اود أن اكتب يوما عن أهل الثقة فى المجتمع المصرى الذين يستحوذون على أعلى المناصب فى كافة مؤسسات الدولة خاصة الاعلامية والصحفية والقضائية والشرطة والجيش والصحة والتعليم وغيرها والذين يدهسون بأقدامهم أهل الخبرة وينشرون فى المجتمع الفساد والانحطاط
ولاننى أعلم ان هذا اليوم سيأتى كنت قد احتفظت بقصاصات من جريدة الاهرام لمقال للدكتور الفاضل مصطفى الفقى نشرته جريدة الاهرام منذ اقل من شهر عن " المناصب والكفاءات "ولاننى قارئة جيدة للدكتور مصطفى الفقى وأحب الاستماع الى حواراته وقراءة مقالاته فقد وجدت فى مقاله هذا ضالتى التى ابحث عنها والتى تمس جرح كل واحد فينا يشعر فى ذاته انه اهل الخبرة والكفاءة التى تحاول دائما قياداته دهسه وازاحته من أمامها وتوسيع الطريق لاهل الثقة

أولئك الذين هم محل ثقة قيادات ورؤساء المؤسسات كأن يكونوا اقاربهم واقارب اقاربهم والمقربين منهم - وضع تحت هذه الاخيرة مليون خط - ، ومن ثم تقليدهم المناصب العالية والحساسة بالمؤسسات للتغطية على السرقات واشكال الفساد، والذي يؤدي تلقائياً الى احلال اللامناسب في المكان المناسب . وهى ظاهرة ليست بجديدة على مصر انتشرت قبل عهد مبارك وفى عهده وبعده ومازالت تشرى فى جسد المجتمع وتنخر فيه السوس

واستشهد هنا بقول الدكتور مصطفى الفقى فى أنها " الأزمة الحقيقية لنظم الحكم فى الدول التى تفتقر إلى «الديمقراطية» الصحيحة فى عدم القدرة على وضع الأنسب فى المكان الأفضل نتيجة تأثير الدوافع الشخصية والأحكام الهوائية والمؤثرات التى تخضع لعوامل لا تتصل بالكفاءة أو الخبرة" واؤيده فى الرأى أنها قضية من أخطر القضايا التى تواجها مصر وتتمثل فى حصول اهل الثقة على المناصب والسيطرة على المواقع والاستحواذ على المقاعد دون سند حقيقى من التعليم والتدريب والمعرفة، والفارق بيننا وبين غيرنا ممن سبقونا على طريق التقدم أنهم أحسنوا الاختيار ولم يحاربوا الكفاءات ولم يستبعدوا أهل الخبرة

الغريب أكثر أن من تفوقوا علينا حين استعانوا بأهل الكفاءة والخبرة وهم فى بلاد غير بلادنا بالطبع غير متواجدين فى مؤسساتنا المصرية لانه ببساطة وكما يقول الدكتور الفقى - وهى الحقيقة - " ان الامر فى بلادنا مختلفًا إذ تنسب المؤسسة إلى من يقف على قمتها ويطبعها بطابعه ويختمها بخاتمه ويكاد يكون هو صاحب القرار الأوحد فيها، يطيح بكل من يرى أنه يمكن أن يخلفه كما يسفه سابقيه ويمحو جهودهم ولو على حساب نجاح المؤسسة واستمرار حسن الأداء فيها إذ لا يعنيه إلا استمراره فى موقعه ولو بتجريف الكفاءات التى تليه مع الحرص على البقاء أطول فترة ممكنة دون النظر للصالح العام أو الحفاظ على عنصر الاستمرارية والدوام عند تغيير الأشخاص وتناوب القيادات، وما أكثر المؤسسات فى بلادنا التى رأيناها تتغير بتغير رؤسائها وتتحول فى اتجاه مختلف عند تغيير من يقودها، فلم تعد المؤسسة فى بلادنا كيانًا ذاتيًا يصنع الأفراد بل تحولت إلى كيان تابع يمضى وراء شخصية رئيسها أو مديرها أو صاحب القرار فيها، وفقدت هويتها وانقطع حبل التقاليد الوظيفية وتم خنق عشرات الكفاءات وإهمال مئات الخبرات وتجاهل عنصر الزمن بالتركيز على أهل الثقة على حساب ذوى الخبرة حتى أصبحت المؤسسة تنسب للفرد لا أن ينتسب الفرد إلى مؤسسته " مع مراعاة إن الصراعات الوظيفية والغيرة الشخصية تقفان فى مقدمة الأسباب التى تؤدى إلى الإطاحة بالخبرات وتجريف الكفاءات، وهى المؤشر المؤلم فى حياتنا الإدارية وهى دليل على تغليب الدوافع الشخصية على الأسباب الموضوعية كما أنها تعصف بالقدرات والمواهب وتفتح الباب للإحباط الذى قد يصل إلى حد الثورة!

نعم لابد ان نفيق ونعى جيدا ما حذر منه الدكتور الفقى فى ان ذلك ينشر الإحباط ويمزق نفسية الشباب عندما يشاهدون أخطاء رؤساؤهم التى تصل إلى حد الخطيئة عند توزيع المناصب واختيار الكفاءات، وهو ما اوصلهم الى فقدان الثقة فيهم وتراكم الإحباطات منهم وشعورهم بانعدام تكافؤ الفرص وشيوع المحسوبية والمحاباة وتجاهل التأهيل العلمى والتدريب العملى والنزاهة الشخصية والالتزام الوظيفى

هذا ما اقتبسته من مقال الدكتور الفقى والذى لمس جرح كل ذو كفاءة ظلمته قيادته فى مواقعها والتى اذكرها بجملة فى المقال " ان اختيار اهل الثقة يعصف بالقدرات والمواهب ويفتح الباب للإحباط الذى قد يصل إلى حد الثورة! " اعتمادا على ان كل لبيب بالاشارة يفهم
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف