محمد جبريل
باعة الصحف والمحافظ وزحام القاهرة
تعد أكشاك الصحف مظهراً مدنياً وسياحياً في مدن العالم. ودليلاً علي قيمة الإعلام والثقافة في البلد الذي تتبعه المدينة.
إذا لم يكن قد أتيح لك السفر إلي مدينة خارج قاهرتنا المحروسة. فلابد أنك شاهدت في أفلام السينما وقفة الناس أمام استندات الصحف والكتب في شوارع وميادين مدن العالم.
السيد المحافظ الدكتور جلال السعيد له رأي آخر في باعة الصحف. فهو يضيفهم إلي التعديات والاشغالات التي تعانيها العاصمة. وأنا أنقل عن خبر منسوب إلي المحافظ. وكما نشرت الصحف فقد أعطي المحافظ أوامر صارمة بإزالة باعة الصحف من زوايا الشوارع والميادين. حتي ينتظم المرور في عاصمتنا. وتنتهي أزمة الزحام. ويسهل السير علي المواطنين.
المحافظ أستاذ جامعي. فهو يقرأ الصحف بالضرورة. ولو للتعرف إلي ما تنشره عن أنشطته. ولأنه يقرأ الصحف التي تشترك فيها المحافظة. فهو قد ينسي أن للصحف باعة من الصعب ان تخصص لهم سوقاً مثل الباعة الجائلين. لأن وجودهم في أنحاء المدينة خدمة إعلامية وثقافية مطلوبة. تختلف عن خدمات الأسواق.
أشفق علي الدكتور السعيد أن يكون فهمه لرسالة الإعلام علي هذا النحو الغريب. وحين وافق محافظون سابقون علي توفير أكشاك الصحف في أحياء القاهرة. فلايمانهم بالمعني المدني والحضاري الذي تمثله هذه الأكشاك في الحياة القاهرية.
المألوف ان القارئ يبحث عن الصحيفة في أقرب مكان. إذا غاب البائع فإن القارئ قد يتناسي الأمر. وهو ما يؤثر بالسلب علي امكانية وصول الصحف إلي قرائها.
أذكر باعة الصحف الجوالين الذين كان معظم مبيعات الصحف بوصولها إلي يد القارئ. اختفي الباعة الجائلون باعتبارهم سبباً في زحام العاصمة. وإساءة لوجهها الحضاري. رغم انهم يمثلون وجهاً متقدماً في كل الدنيا.
أخشي ان نقابة الصحفيين مشغولة في قضايا مهمة لم تفصح عنها. لكن الصحف - في تصوري - هي الهم الأول للنقابة. فأعضاؤها عاملون في المؤسسات الصحفية. ومن المهم ان تلقي الصحف رواجاً. وهو ما يصعب تحققه في ظل مطاردة السيد المحافظ لباعة الصحف.
الاتهامات كثيرة إلي وسائل الإعلام المرئية بأنها "سرقت" القارئ من الإعلام المقروء. ولعل السبب الأهم أن الإعلام المرئي يصل إلي المشاهد حيث يقيم. أما الإعلام المقروء فإنه يصمت بلا مناسبة عن تغييب وجوده في الشارع. المجال الحقيقي لوصوله إلي يد القراء.
من واجب نقابة الصحفيين ان تدافع عن مهنة الصحافة. برفع قضية ضد المحافظ بتهمة الفهم الغريب والمتعسف لأكشاك واستندات الصحف. وحرمان الصحفيين من مورد رزق مهم. متمثلاً في إلغاء باعة الصحف.. بدعوي إزالة الزحام عن القاهرة!