نبيل زكى
لماذا طلب الأسد مساعدة موسكو ؟
< هذا جانب من الصورة قد يكون غائبا عن الكثيرين <
مسئول روسي عمل لفترة طويلة بسفارة بلاده في دمشق، ويرفض الكشف عن شخصيته، يقدم تفسيراً لمجلة «دير شبيجل» الألمانية للتحرك الروسي في سوريا.. وبطبيعة الحال فإن السبب الأول الذي دفع الرئيس السوري بشار الأسد إلي طلب المساعدة من موسكو هو أن دولا كبري تسخر كل إمكاناتها لتدمير الدولة السورية وتقسيمها وتصفية جيشها إلي جانب ما تبذله دول إقليمية في نفس الاتجاه، غير أن هناك سببا آخر لهذا الطلب لا يقتصر علي خوف الأسد من أعدائه، فالمسئول الروسي يضيف سببا آخر هو خوف الأسد من أصدقائه!
والأصدقاء الذين يشير إليهم المسئول الروسي هم الايرانيون الذين يلعبون الدور الأهم في حماية النظام السوري! فهناك شعور بالغضب لدي الأسد ومن يحيطون به إزاء عجرفة الايرانيين الذين يعاملون سوريا كما لو كانت مستعمرة تابعة لهم. ولم يعد السوريون يثقون في نوايا طهران، وخاصة في ضوء الأخطار التي تهدد موقع الأسد في السلطة.. هذا هو الدافع ـ في رأي المسئول الروسي وراء طلب سوريا تدخل موسكو.
فالحرس الثوري الإيراني يتولي التخطيط والتنفيذ لمهام وعمليات حيوية، مما جعله مسئولا عن التفاصيل. ولما كان هذا الحرس يمثل داخل إيران دولة داخل الدولة، ولا يخضع لأي سلطة سوي سلطة المرشد الأعلي «علي خامنئي». من هنا أصبحت تحركات وأهداف الحرس تتجاوز مجرد حماية النظام السوري. ويكفي التذكير بما صرح به في عام ٢٠١٣ حجة الإسلام مهدي طائب، وهو أحد مخططي التدخل الإيراني في سوريا، بأن «سوريا هي المحافظة رقم ٣٥ الإيرانية وهي محافظة استراتيجية بالنسبة لنا»!
علي مدي عدة عقود، كان التحالف بين الأسد الأب والابن مع إيران يعود بالفائدة علي الطرفين، وخاصة أثناء المواجهة مع عراق صدام حسين. أما اليوم، فإن الأسد هو الذي يحتاج إلي ايران لمواجهة مرتزقة جاءوا من مائة دولة لتفكيك سوريا، وهي فرصة لخدمة مصالح إيران التي تستفيد من هذه الظروف.
وعن طريق استخدام طرق متنوعة، تعزز إيران وجودها وتدعم مواقعها في سوريا بواسطة تشكيل ميليشيات، إلي جانب الجيش السوري النظامي، تساهم في فقدان الدولة للسيطرة علي مناطق علي الأرض السورية، كما يجري افتتاح أعداد متزايدة من «الحسينيات» (مراكز تلقين ديني شيعية) لتحويل السنة، والعلويين أيضا، إلي شيعة أقحاح! وكل ذلك يجري رغم ضيق ومخاوف العلويين السوريين، الذين شرعوا في الشكوي علي صفحات الفيسبوك: وتزايد الامتعاض لدي افتتاح مسجد شيعي في اللاذقية عندما أعلن إمام المسجد أمام المصلين قائلا:
«إننا لا نحتاجكم، وإنما نحتاج إلي أطفالكم وأحفادكم»! والواضح إنه يحتاج إلي تنشئة جيل جديد ينتمي إلي ايران. كذلك لوحظ قيام ايرانيين بشراء أراض وعقارات في دمشق بما في ذلك الحي اليهودي القديم بأكمله.
إذن.. فإن الإيرانيين يتدخلون في شئون فكرية ودينية ومحلية.. أما الروس فإنهم لا يفعلون ذلك حيث أن الانتماء المذهبي بعيد عن اهتمامهم. وهذا هو أحد أسباب قرار الأسد بالاعتماد علي روسيا. وهذا لا يمنع من استمرار العلاقة مع إيران ولكن في سياق وإطار مختلف.