بعد أن رفضت المحكمة الإدارية العليا ترشيح الراقصة ونائب بكفر الشيخ، أوصت بتعديل قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، خاصة وأن القانون يسمح لمن قضوا عقوبة مخلة بالشرف( جنحة أو جناية) أن يردوا اعتبارهم بحكم قضائى(إلغاء السابقة من سجله) ويشاركون فى الحياة السياسية، وقد سبق وتناولنا هذه القضية منذ سنتين، وطالبنا بإلغاء هذا الترخيص، والاكتفاء بالسماح لمن رد اعتباره المشاركة فى التصويت فقط، وأن يستفيد برد الاعتبار فى الالتحاق بعمل يبدأ به حياة جديدة وكريمة، واليوم نكرر مطلبنا هذا ونؤكد عليها، خاصة وان قانون رد الاعتبار فى نوفمبر القادم يكون قد مر على صدوره 85 سنة.
وقصة هذا القانون تعود إلى على ماهر باشا وزير الحقانية فى حكومة إسماعيل صدقى باشا، فقد رفع إلى مجلس الوزراء يوم الأحد 4 مارس 1931، مذكرة يطالب فيها بالموافقة على إعادة الاعتبار قضائيا لأصحاب السابقة الأولى الذين تابوا وعادوا عن الجريمة، وذلك لكي تعود لهم كامل أهليتهم وحقوقهم كمواطنين، قال في المذكرة: «إن أداء الحكم في عقوبة جناية أو جنحة يؤدى إلى: «الانتقاص من شخصية المحكوم عليه، ويحول دون استعادة مكانته السابقة في الهيئة الاجتماعية ودون الوصول إلى مركز شريف، لأن الحكم بالعقاب فى غالب الأحوال يتبعه الحرمان من بعض الحقوق السياسية والمدنية ويسجل في قلم السوابق، فيتعذر على المحكوم عليه الاندماج ثانية في الهيئة الاجتماعية».
وقال أيضا: «وليس من العدل أن يحرم شخص من أن يتبوأ فى الهيئة الاجتماعية المكان اللائق بكل وطني صالح إذا بذل مجهودا جديا ليهتدى، وأقام الدليل على هداه بحسن سيرته مدة طويلة على أن من مصلحة الهيئة الاجتماعية نفسها أن يندمج فيها المحكوم عليه الذى تاب وأصلح حاله ولذلك قررت غالب الشرائع أحكاما لرد اعتبار المحكوم عليهم».
وقد ميز بين العفو ورد الاعتبار بقوله: «أن إعادة الاعتبار حق للمحكوم عليه، بينما العفو منحة من ولى الأمر، ثم أن العفو يترك الحكم قائما من حيث العود وصحيفة السوابق وأحيانا لا يشمل العقوبات التبعية، بينما رد الاعتبار يمحو الحكم بالإدانة وكل نتائجه فى الحال والمستقبل».
وأكد أن: «التشريع الجنائي المصري قد خلا من النص على أحكام بشأن إعادة الاعتبار، وكثيرا ما تقدم إلى وزارة الحقانية طلبات بالتماس العفو لرفع عدم الأهلية المقررة في قانون العقوبات أو المنصوص عليه في قانون الانتخاب، وهذه الطلبات تحرج الوزارة فلا تستطيع إجابتها كما لا تريد رفضها، لذلك ترى الوزارة من المناسب وضع حد لهذه الحالة بتنظيم طريقة قانونية لإعادة الاعتبار».
وبناء عليه تتشرف وزارة الحقانية بأن ترفع إلى مجلس الوزراء مشروع القانون المرافق لهذه المذكرة، حتى إذا وافق عليه يتفضل برفعه لأعتاب حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك للتصديق عليه..وزير الحقانية، على ماهر، القاهرة في: 2 مارس 1931».
وبالفعل أرفق أول مشروع قانون فى تاريخ مصر والبلدان العربية لرد الاعتبار مع المذكرة، وقد جاء القانون فى اثنى عشرة مادة، تمحوا السابقة الأولى من سجل الذين قضوا عقوبة بالسجن، وترفع السابقة بعد مرور 15 سنة من انقضاء العقوبة فى الجرائم الجنائية، ومرور 8 سنوات في جرائم الجنح، وذلك عن طريق تقديم التماس إلى المحكمة، وتنظر هيئتها فى صدق توبة صحاب السابقة من عدمه، وفى حالة تأكدها من توبته وحسن سيرته تقضى برد اعتباره وإعادة أهليته مرة أخرى، وبالفعل وافق مجلس الوزراء على المشروع وتم رفع مشروع القانون إلى الملك فؤاد الأول ملك مصر والسودان، أو كما كان يحب أن يسمى نفسه: ملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور، وقد أقر الملك فؤاد الأول القانون (وصدر برقم 41 لسنة 1931) ونشر بجريدة الأهرام يوم الاثنين 5 مارس 1931.