كل عام وأنتم بخير.. نستقبل عاماً هجرياً جديداً.. والزمان هو الزمان والأيام هي الأيام لم تتغير.. الذي تغير هو أخلاقيات البشر التي انحدرت إلي أدني مستوياتها.. اختفت القيم والمبادئ والمثل.. وحل مكانها الألفاظ الخارجة والسلوكيات المشينة نتاج أفلام ومسلسلات وبرامج هابطة تدعو للفجور والانحلال ومشاهدة الأفلام الإباحية.
منذ سنوات ليست بالقليلة كان للاحتفالات بالمناسبات الدينية طعم آخر.. المساجد تمتليء عن آخرها بالمصلين للصلاة والدعاء.. أفراد الأسرة الواحدة يتجمعون حول المائدة في جو أسري رائع.. أما الآن فقد تفرقت بالجميع السُبل.. الكل انشغل بالدنيا الفانية.. معارك طاحنة حتي بين أقرب الناس مع بعضهم البعض.. أصبحت لغة الجنيه والدولار هي السائدة.. الكل رفع شعار "أنا ومن بعدي الطوفان".. انقسمت الأسر علي نفسها وضربت استقرارها وفرقتها الانتماءات السياسية والحزبية.. كل واحد لا يسمع إلا صوته ويرفض الحوار مع الآخرين حتي لو كانوا علي صواب.. إخوان الشيطان عاثوا في الأرض فساداً وخدعوا الناس والشباب باسم الدين.. وأظن عودتهم للساحة السياسية هي خطيئة الرئيس السادات الكبري.
المرء عندما يجلس مع نفسه يتمني لو ظل صغيراً وعلي فطرته.. يتمني لو أنه ما كبر في السن وظل يلهو ويلعب فرحاً بعادات الريف في كل المناسبات.. خاصة الدينية التي تلاشت الآن.
يأتي العام الهجري الجديد وسط موجة من الحروب بالعديد من دول العالم الإسلامي.. خاصة سوريا والعراق واليمن والصومال وميانمار وأفريقيا الوسطي.. وقبل هذا وذاك في فلسطين.
يأتي العام الهجري الجديد وقد اندلعت انتفاضة تجتاح الأراضي المحتلة يثور فيها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يتوقف عن تدنيس المسجد الأقصي بشكل أكثر سفوراً منذ حوالي شهر تمهيداً لتنفيذ مؤامرة التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصي التي ستكون بدورها تمهيداً لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
ومنذ بداية الشهر الحالي استشهد 25 فلسطينياً واعتقلت اسرائيل أكثر من 300 فلسطيني بالإضافة إلي مئات المصابين منهم 600 أصيبوا بإعاقات سوف تلازمهم حتي آخر العمر.
إن الحزن يعتصر قلبي علي الحروب التي تضرب الدول العربية الشقيقة.. ومحاولات أحفاد القردة والخنازير للسيطرة علي الأقصي.. المسلمون تفرقوا وأصبحوا شيعاً وهانوا علي انفسهم فهانوا علي الآخرين.. وأصبحوا كغثاء السيل.
إن الهجرة النبوية الشريفة فرصة للوقوف مع النفس وتأديبها بهجر المعاصي ووأد الفساد ونهب المال العام.. فرصة للصلح مع الله ومع الناس ونصرة الإسلام.. ولا أجد سوي الاعتذار.. لسيدنا رسول الله علي حال المسلمين وما أصابهم وما اكتسبوا بأيديهم.