12 - كانت مناورات الخريف التى بدأتها مصر يوم الإثنين أول أكتوبر 1973 ذروة الخطوات والإجراءات الخداعية
حيث كان قد سبقها سلسلة من الترتيبات التى توحى بأن خيار الحرب ليس واردا أو على الأقل لم يحن بعد أوانه وعلى سبيل المثال فإن القوات البحرية المصرية أعلنت عن مناورات فى البحر الأحمر بعيدا عن أى مسرح محتمل للقتال ضد إسرائيل، بينما كان الهدف هو إغلاق باب المندب فى وجه الملاحة الإسرائيلية فور بدء العمليات العسكرية، وكان الإعلان من جانب القوات المسلحة عن فتح باب التقدم للضباط والجنود لأداء مناسك العمرة خلال شهر رمضان... ناهيك عن دقة اختيار يوم وساعة الهجوم حيث يتوافق السادس من أكتوبر مع أحد أهم الأعياد اليهودية وهو عيد الغفران.
ورغم كل هذا الحرص والتخطيط الدقيق من جانب مصر فإن ثمة أحداثا طارئة وقعت قبل بدء الحرب بساعات كادت تكشف نوايانا لعل أبرزها رصد إسرائيل لعملية إخلاء العائلات السوفيتية فى مصر وسوريا وبدء نقلهم بالطائرات إلى موسكو يوم الخميس 4 أكتوبر، وقد تزامن ذلك مع خطأ جسيم وقعت فيه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عندما أذاعت خبرا عاجلا حالة الطواريء فى المطارات والموانيء العسكرية، وكان من المفترض أن يقتصر توزيع هذا الخبر على شبكة مغلقة لا تصل إلا لكبار المسئولين بمصر فإذا بالخبر يذاع على الملأ... وكانت النتيجة أن خرج دافيد إليعازار رئيس الأركان الإسرائيلى بتصريح عنيف فى اجتماع لقوات المظلات قال فيه: «إنه ينبغى على الدول العربية التى تحشد قواتها على خط وقف إطلاق النار وأن تعرف أن لدى إسرائيل أيدى طويلة تستطيع الوصول إلى أعماق هذه الدول وخطوطها الخلفية وإنزال الضربات بها».. وفوجئت باللواء عز الدين مختار المتحدث العسكرى المصرى يطلب منى صياغة رد على إليعازار وأن ينشر على الصفحة الأولى من الأهرام الصادر الجمعة 5 أكتوبر ولكن بعد أن دارت المطبعة فوجئ الأستاذ كمال نجيب مسئول السهرة بالأهرام بطلب من الرقيب على النشر بوقف الطباعة لأن لديه تعليمات بأن يكون الرد على أليعازار منسوبا للمحرر العسكرى للأهرام مما استدعى الاتصال بالأستاذ هيكل الذى وافق على طلب الرقابة وأن ينسب الرد لى بالاسم مصحوبا بمسمى المحرر العسكرى للأهرام وتحت عنوان : «تصريح إليعازار ملىء بالمغالطات»!... وغدا نواصل الحديث