الجمهورية
يسرى السيد
24 ساعة اشغال شاقة بالأقصر والنتيجة دار أوبرا وقصر ثقافة!!
24 ساعة اشغال شاقة من النوع اللذيذ قضيتها بالاقصر. بدأت من الثالثة فجر الاثنين الماضي وانتهت في الثالثة فجر الثلاثاء.. والحكاية كما رواها لي الصديق الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة بدأت منذ فترة باختيار الاقصر عاصمة للثقافة العربية عام 2017.. والسؤال الذي يشغله كيف ستحتفل المحافظة التي تضم أكثر من ثلت اثار العالم بهذه المناسبة؟
في البداية.. نعم اذا لم تكن الاقصر عاصمة للثقافة العربية فمن تكون هذه العاصمة؟
النمنم اصطحب معه قيادات وزرارته وفي ضيافة محافظ الاقصر د.محمد بدر للتفكير في كيفية وضع المحافظة علي خارطة الانشطة الثقافية بجانب مكانتها المتميزة في الخريطة السياحية..
البداية كانت برحلة الي قرية عبقري العمارة المصرية حسن فتحي في القرنة غرب الاقصر والتي شيدها منذ عشرات السنين بالنموذج العبقري الذي كان يستحق عنه جائزة نوبل لو كان هناك إنصاف للعبقريات البعيدة عن كواليس الغرب المشبوهة.. هذا النموذج الذي قدمه حسن فتحي لعمارة الفقراء الذي يعتمد علي مفردات البيئة. لم يبق منه الا بعض المباني الغنية بالشروخ!!
سألني وزير الثقافة عن القرية قلت له زرتها منذ حوالي 30 عاما ولم يحدث بها جديد بل الوضع يزداد سوءاً. والحكاية ان البعض يعتبرها اثرا عن جهل او عمد وهي ليست كذلك!!
البعض يريدها اثرا حتي تظل غير مستخدمة بالبشر وعامرة بهم رغم ان حسن فتحي حين فكر فيها كان حلمه ان ينتقل للسكني بها اهل الاقصر الساكنين فوق اثار البر الغربي ووادي الملوك واعظم اثار العالم.. والغريبة ان بعض البيوت تم توزيعها ولم ينتقل اليها احد
صمم حسن فتحي مجموعة من الخانات التي تستخدم كمحال لاهل القرية بعد عيشهم فيها وظلت مغلقة وفتح الاهالي بجوارها محلات بالشكل المعماري العشوائي القبيح المنتشر في كل عشوائيات مصر.
صمم مسجدا رائعا ولم يستخدم علي النحو المراد.. صمم مسرحا مكشوفا وقصراً للثقافة تم تخصيصه لقصور الثقافة وسرعان ما زارته الشقوق فتم نقل الموظفين خشية علي حياتهم.. وهكذا يريدها البعض اثرا حتي لا تستغل. وتكون مزارا لبعض المسؤلين بين الحين والآخر دون فائدة!
اما من يريدونها نموذجا فقد اصطدموا بطوفان العمارة الاسمنتية القبيحة التي ازالت من امامها الكثير من هذه البيوت المبنية بالطوب اللبن وحلت مكانها نماذج من العشوائيات.. والسؤال الجاد ماذا نحن فاعلون بهذا النموذج العمراني امام اباطرة القبح والعشوائيات الاسمنتية؟
اعتقد ان الحل هو تعميم هذا النموذج في مدن كاملة سواء بالاقصر اوغيرها لانها في البداية غير مكلفة لاستخدامها مفردات البيئة من حجارة او طوب لبن في البناء وطين في محارة الجدران و بوص وطين واخشاب في الاسقف. وبقبو يجعل الغرف مكيفة "رباني". يعني دافئة شتاء والهواء يسكنها صيفا بدون تكيفات أو مرواح أو استغلال كهرباء.. الخ. والاهم من ذلك انها صحية لانها لا تستخدم المواد المشعة في السيراميك او المواد الكيميائية في الدهانات وخلافه !....طبعا هذا النموذج يحاربه بعنف مافيا الاسمنت والحديد ومواد البناء لانه تقضي علي احلامهم في "مص" دم الغلابة من جهة. ونشر القبح عن طريق وكلائهم من المعماريين اياهم!!
خرجنا من محراب حسن فتحي لنتجه جنوبا حوالي ساعة وثلث بالسيارة الي مدينة اسنا لنقف امام مركز اشعاع ثقافي جديد لقصور الثقافة فرحنا به جميعا مع النمنم والصديق محمد عبد الحافظ ناصف رئيس قصور الثقافة.. واسباب ابهاري متعددة في مقدمتها ان افتتاح قصر ثقافة في مدينة بعيدة عن مراكز الاشعاع يعني ان اطفالنا وشبابنا في هذه المدينة سيكون لهم مكتبة ومرسم يتعلمون فيه الرسم ومسرح يغنون فيه ويرقصون فوق خشبته.. باختصار مكانا يعلمهم حب الحياة.وهذا اكبر مقاومة لاعداء الحياة الذين يستغلون عقول وقلوب اطفالنا وشبابنا هناك لنشر الظلام وكراهية الحياة!!
القصر مصمم بشكل بسيط. واجمل ما فيه ان المسرح خلفيته اعظم واجمل خلفية.. النيل وقناطر اسنا التي يقف امامهم اعظم مهندسي الديكور عاجزين.. عندما رأيت الفرحة في وجوه الكثير من اهالي المدينة وفي مقدمتهم الاطفال. قلت لنفسي هذه الفرحة تستحق منا جميعا كل جهد.ويهون امامه أي عناء!!
ومن اسنا عدنا إلي الاقصر لتبدأ رحلة اختيار مكان مناسب لبناء أول دار اوبرا في الصعيد.. وهذا "حلم" حلمي النمنم وزير الثقافة كي نقدم لزوار المدينة من كل اجناس العالم فنون الاوبرا المصرية من جهة واعظم الاعمال الاوبرالية العالمية بالاضافة لتقديم كافة الفنون الشعبية في مسرح ضخم يليق بتاريخ مصر في الاوبرا وتاريخ المدينة الذي تتضاءل امامه اي انجازات حضارية أخري.. المهم حماس محافظ الاقصر اللامحدود جعله يجمع قيادات المحافظة لعرض اكثر من مكان في قلب المدية وخارجها.حتي استقر الرأي المبدئي علي قطعة ارض امام النيل مباشرة وبالقرب من معبد الكرنك وطريق الكباش تزيد مساحتها علي الـ11 ألف متر مربع..
قلت لوزير الثقافة: تفتكر ح تقدر تنتهي من بناء هذه الاوبرا في 5 سنوات؟!
ابتسم قائلا بل في اقل من عامين باذن الله حتي يكون احتفال العرب باختيار الاقصر عاصمة للثقافة العربية في دار الاوبرا الجديدة.. وحكي لي بعض تصوراته في تمويل البناء والتجهيز والتأثيث. واحتفظ بها الآن حتي تتم باذن الله
قلت له: حتي يتم بناء دار الاوبرا الجديدة لماذا لا تعرض فرق الاوبرا علي مسرح قصر ثقافة الاقصر الذي يستوعب نحو 600 مشاهد؟
قال: بصراحة اندهشت من وجود هذا القصر ومسرحه الجيد والذي يفوق مسرح الاوبرا الصغير وسوف نجعل هذا المسرح بالاتفاق مع رئيس قصور الثقافة بؤرة اشعاع حضارية وسوف نبدأ قريبا جدا باستضافة العروض المسرحية المتميزة ونجومها الكبار وفي مقدمتهم عرض الفنان الكبير أحمد بدير. خاصة وان القصر به اماكن للاقامة تكفي عدداً كبيراً من المشاركين..
يبدو ان وزير الثقافة بدأ رحلة الالف ميل من الاقاليم ومن الاقصر. فهل سنساعده جميعا ام سنقول له اذهب انت ومن معك فقاتلا وها نحن هنا قاعدون نخطط لليأس والفشل والاحباط!!. المهم عدت من رحلة الاشغال الشاقة اللذيدة ولم استطع النوم بعدها بعد ان اختلط الحلم بالواقع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف