عبد الغفار شكر
النائب المحترم يصنعه الناخب المحترم
تشكلت فى محافظة الدقهلية لجنة شعبية تحت اسم (النائب المحترم يصنعه الناخب المحترم) وهى تعبر بهذا الاسم عن توجه بالغ الأهمية يتمثل فى أن العامل الرئيسى فى الانتخابات هم الناخبون الذين سوف يسهمون فى تشكيل مجلس النواب باختياراتهم لهذا المرشح او ذاك . ومن اللافت للنظر ان هذه اللجان هى لجان شبابية بالاساس مما يدعونا للاطمئنان على مستقبل البلاد . فها هو قطاع من الشباب يدرك أهمية توعية الناخبين بكيفية اختيار المرشح وهو توجه سليم ويمارس هؤلاء الشباب دورهم من خلال جولات على منازل الناخبين او اماكن عملهم لمناقشتهم فى مسئوليتهم عن تشكيل مجلس النواب القادم وقد قاموا بطبع منشورات يوزعونها على الناخبين وهم بمبادرتهم هذه يؤكدون ان الشعب المصرى لا يقف متفرجا على الأحداث لكنه يتفاعل معها ليس فقط بالمشاركة فى التصويت ولكن بدعوة الناخبين لحسن الاختيار ويحددون للمواطنين خصائص النائب المحترم من حيث تمتعه بالنزاهة والكفاءة وعدم تورطه فى الفساد وعلاقته بالجماهير . وهكذا يسهم شبابنا هؤلاء فى تشكيل مجلس النواب رغم انهم ليسوا مرشحين لهذه الانتخابات، كما انهم لا يناصرون مرشحا بعينه. وقد اتخذوا هذا المسلك الإيجابى إدراكا منهم لأهمية المجلس النيابى وما هو موكل إليه من مهام على رأسها إصدار القوانين المكملة للدستور والنظر فى القوانين التى صدرت من السلطة التنفيذية فى غيبة المجلس وإجراء التعديلات اللازمة عليها وإعادة فتح المجال السياسى بإلغاء أو تعديل قوانين صدرت مؤخرا مثل قانون التظاهر وقانون الإرهاب وغيرها من القوانين التى أغلقت المجال السياسى امام الأجيال الجديدة.
وقد ذكرتنى هذه المبادرة الشبابية بما حدث عام 1976 عند انتخاب مجلس الشعب فى هذا الوقت حيث كنا نشكل لجانا شعبية باسم (لجان الوعى الانتخابي) كانت تغطى الجمهورية كلها، حيث كان لليسار وللقوميين وجود حقيقى فى جميع محافظات الجمهورية وكانت لجان الوعى الانتخابى تصدر بيانات تتضمن دعوة المواطنين لحسن الاختيار وتحدد لهم مواصفات المرشح الذى يجب ان يحظى بمسنادتهم، كما كانت تشكل وفودا للاتصال المباشر بالناخبين وتعريفهم بأهمية المشاركة فى الانتخابات وحسن الاختيار وقد لعبت لجان الوعى الانتخابى دورا مهما فى جذب قطاعات كبيرة من الشباب للمشاركة فى العمل السياسى. والأمل كبير فى ان تؤدى مبادرة شباب الدقهلية فى تكرار نفس التجربة فى باقى المحافظات واستعادة الشباب الذين يتخذون اليوم موقفا مما يجرى دون ان يسهموا فى الاحداث احتجاجا منهم على اصدار بعض القوانين التى تغلق المجال السياسى امامهم .
ومن المؤكد ان اتساع حركة (النائب المحترم يصنعه الناخب المحترم) سوف يساعد ليس فقط على استعادة الشباب للعمل السياسى بل تعدد القضايا التى ينشط حولها فإن اخطر ما يهدد هذا البلد ان يقف شبابه موقف المتفرج امام ما يجرى احتجاجا منه على تطورات السلبية التى انحرفت بثورة 25 يناير وبدء عهد جديد، يتشكل فيه حاليا مقومات نظام سياسى جديد وإذا كان ما يجرى يشهد ظواهر لا نرضاها لبلدنا فإن الكل مطالب بالمساهمة الفعلية فى تعديل الصورة التى يتشكل عليها الآن النظام السياسى الجديد .
إنما نثق فى وعى شعبنا وقدرته على فرز المرشحين لمجلس النواب وانتخاب من تتوافر فيه الصفات المؤهلة لقيامه بدور إيجابى داخل المجلس كما حدث فى انتخابات 1976 التى كانت اغلبيتها العظمى من الحزب الحاكم فى ذلك الوقت، لكن المجلس ضم فى صفوفه ما يقرب من 20 نائبا شكلوا المعارضة وكان لهم فاعلية كبيرة كان لها صدى شعبى واسع النطاق واستطاعت المعارضة ان تحرج النظام وكانت تضم فى صفوفها خالد محيى الدين وابوالعز الحريري، كما ضمت المعارضة انذاك الدكتور محمود القاضى والمستشار ممتاز نصار والمحامى عادل عيد، وقد نجح هؤلاء وباقى زملائهم فى الضغط على الحكومة من اجل توسيع مجال العمل السياسى وتمتع الجماهير بحقها فى التعبير عن رأيها وتصاعدت حركة المعارضة إلى حد التصويت ضد اتفاقيات كامب ديفيد وهو الأمر الذى ازعج الرئيس انور السادات فاصدر قرارا بحل المجلس وطلب من رئيس الوزراء ووزير الداخلية ألا تتاح لهذه المعارضة فرصة العودة مرة أخرى لمجلس الشعب واجريت الانتخابات سنة 1979 ونجح النظام من خلال تزوير الانتخابات واعتقال بعض الشباب المعارض ان يحرم هؤلاء المعارضين من العودة فعلا إلى المجلس الجديد ما عدا المستشار ممتاز نصار الذى حاصر انصاره مقر الفرز فى دائرته واعلنوا انهم لن ينصرفوا إلا بعد اعلان النتيجة فى لجنة الفرز فرضخت لجنة الانتخابات والنظام بأكمله لهذا التهديد واعلن فوز المستشار ممتاز نصار.
وإذا كانت هناك نظرة تشاؤم تسود الأجواء فى مصر الآن بالنسبة لانتخابات مجلس النواب فاننى اثق فى ان هذا المجلس سوف يضم فى عضويته من يدافع عن الحريات والعدالة الاجتماعية واهمية استكمال الإطار التشريعى الذى لا يصادر حقوق الناس وحرياتهم واعتقد ان عدد هؤلاء لن يقل عن 50 عضوا سيكون لهم تأثير مشهود ويمكنهم استقطاب نواب آخرين للتنسيق معهم فى اتخاذ مواقف فى صالح الشعب المصرى وفى صون الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم استقلالنا الوطني. ما اشبه الليلة بالبارحة، وكما فعلها نواب 1976 سوف يفعلها نواب 2015.