خلال هذه الفترة.. أستسلم لمساحات واسعة من الوقت.. أتأمل فيها الحياة البرلمانية في مصر في عز مجدها وتألقها.. تستدعي ذاكرتي الكثير من المواقف والمشاهد الساخنة التي جرت أحداثها تحت قبة برلمان مجلس الشعب.. أثناء رئاسة الراحل د. صوفي أبو طالب.. أو الراحل المتمكن د.رفعت المحجوب.. ثم عهد شيخ القانونيين في مصر د. فتحي سرور.. كان برلمانا بكل ما تعنيه الكلمة.. كل اعضائه كانوا نجوما ساطعة في عالم السياسة.. كانوا يدركون حقيقة دورهم كنواب تجاه أبناء دوائرهم من ناحية..ووطنهم من ناحية أخري.. فكانت المناقشات التي تدور تشهد شدا وجذبا بشكل دائم لم تخل منه جلسة واحدة.. ويصل الي التشابك بالأيدي تارة.. وبالكلمات تارة أخري من فرط الحماس والسعي لاثبات الذات.. وخلال تلك الفترات كانت الحكومة تعمل لهؤلاء النواب مليون حساب وتخشي مواجهتهم.. كلما مرت بطيفي هذه المشاهد أردد في حزن: «الله يرحم هذا الزمن الجميل.. ويرحم كل هؤلاء الفرسان»!

أفيق من شرودي علي الاستعداد لخوض انتخابات البرلمان الجار الآن.. فتنتابني حالة من الحزن واليأس.. مثل الكثير من المصريين الذين مازالوا يعانون حالة من الحيرة والتردد.. في الوقت الذي لم يتبق سوي ساعات علي بدء العملية الانتخابية للمرحلة الأولي التي ستبدأ صباح غد.. ومازال الغالبية العظمي من الناخبين تائهين في ظل دوامة التحالفات والمسميات المختلفة لها.. الناس تبحث عن أسماء ذات ثقل سياسي وثقافي..تتوافر فيها الشفافية والوطنية..كل همها مصلحة مصر.. لا السعي لتحقيق مصالح شخصية.. أسماء مؤهلة بالفعل لتمثيل الشعب تحت القبة.. لا أوهام.. الكلام عن هذا التحليل انتهي.. لم يعد يفيد.. فقد غلبنا الوقت..وأصبحنا أمام أمر واقع لا مفر منه.. اسمه مصلحة مصر. التي تتطلب منا جميعا أن نكون علي قلب رجل واحد لاتمام الاستحقاق الثالث المهم لخارطة الطريق بانتخاب برلمان.. اقول لكل مصري قبل ان تتوجه للادلاء بصوتك غدا.. ضع اسماء مرشحيك أمامك.. أعرف ايجابياتهم وسلبياتهم.. ثم اختار أفضلهم بعيدا عن التعاطف أو العطايا.

لا يخدعك من يقدم لك رشوة مالية أو عينية ليحصل علي صوتك.. مصلحة مصر هي الأهم.. توجه الي لجنتك وإدل بصوتك.. وإنصح كل من تعرفه ان يكون ايجابيا ويشارك.. الاستسلام لليأس وعدم المشاركة يمثل طعنة في قلب مصر سيجعلها تنزف وتتألم كثيرا أكثر مما عانته من قبل. صوتك واجب وطني لاينبغي أن تنساه.