المساء
خيرية البشلاوى
الأستاذة فاطمة
لم يكن مألوفا ان يسبق لقب "أستاذة" اسم مؤنث.. وكذلك لم يكن مستساغا ان تتفوق "الاستاذة" وتثبت جدارتها باللقب أمام "الأستاذ" خطيبها الذي لم يكن يؤمن حتي ذلك الحين بقدرتها علي إحراز النجاح في مجال اختص به الرجل.
"الأستاذة فاطمة" المحامية القادرة علي تحقيق العدالة واثبات براءة خطيبها من تهمة القتل ظهرت علي الشاشة عام ..1952 أي منذ 63 سنة.. ولعبت دورها الاستاذة فاتن حمامة سيدة الشاشة الأولي التي ظلت تجسد الصورة المحترمة للمرأة المصرية.
مخرج الفيلم فطين عبدالوهاب وكاتب السيناريو علي الزرقاني والمنتج محمود ذو الفقار. ثلاثة رجال حرصوا علي تقديم نموذج إيجابي وفاعل للمرأة. يدحض المفاهيم العقيمة ويتجاوز اشكال التنميط والاطر التقليدية التي كرستها السينما تدعيما للقيم الاجتماعية السائدة.
تذكرون فاتن حمامة "الاستاذة فاطمة" علي أفيش الفيلم ترفع اصبعها وهي مرتدية ثوب المحاماة وتقف في ثبات وثقة اثناء مرافعتها في أول قضية تسند إليها؟؟
قضية حياة أو موت بالنسبة للرجل الذي ارتبط بها. وبالنسبة لها شخصية كمحامية دخلت هذا الميدان الصعب وسط مخاوف من الفشل والرفض وعدم الايمان من المجتمع الذي يفضل عليها الرجل باعتباره جديرا بالثقة ومؤهلا لتحقيق العدالة اكثر من المرأة.. وقد كشف الفيلم عن ذلك بوعي واضح وفي قالب كوميدي خفيف يمرر القضية الجادة ويجعلها مهضومة!
بعد 63 سنة من ظهور "الاستاذة" التي نجحت بالعلم والارادة وتشجيع الرجل الاب. والرجل الزوج نجحت في الحصول علي حقها في المساواة وكسر الفوارق الاجتماعية التي تضعها في مرتبة ادني منه.. ولم يمنعها ذلك النجاح من ان تقيم علاقة صحية وسوية مع الرجل.
ولم يكن المجتمع قد خاض الثورات التي خاضها. ولم تكن المرأة نفسها أحرزت من النجاح في كل الميادين ما يجعل منها وزيرة ومستشارة ومحامية ومدافعة عن حقوق الانسان وطبية واستاذة في جميع الميادين.
بعد 63 سنة من التحولات الاجتماعية والانتفاضات الثورية والهجمات الفاشلة علي ما تحقق من انجازات مازالت طيور الظلام وخفافيش الجاهلية يحلقون ويظهرون بصفاقه مؤرقة يطالبون بوضع المرأة داخل "خيام" لاتكشف الا عيناها باعتبارها أسيرة ولاجئة في مملكته التي يحكمها برفع سلاح "الدين" بعد تحريفه و"تسييسه".
"الاستاذة فاطمة" ظلت تدافع عن حق المرأة في التعليم والعمل وحقها في المساواة وتواجه الهجوم علي مكتسباتها بالتصدي الجماعي وبالاسهامات الكبيرة في انجاح الانتخابات الرئاسية وفي الاستفتاء علي الدستور ومن خلال اصرارها علي الحضور البارز في المشهد الانتخابي والمشاركة العملية في ميادين العمل العام ومن خلال المؤسسات والمجالس وفي المحافل الدولية الخ.
ولم يتصور احد انه بعد 63 سنة يكون علي المرأة المصرية ان تواصل الدفاع عن حقوق مكتسبة بالفعل ليس فقط للمرأة وانما للمجتمع ككل وأهم هذه الحقوق توفير مؤسسات تنفيذية وتشريعية منتخبة قادرة علي دفع عجلة الحياة الي الامام وتحقيق موقع متقدم لمصر جدير بها في عالم لايعترف بالتخلف والجهل ويحتقر الضعفاء.. وهذه المطالب لاتتحقق الا بجهد جهيد ومتواصل.
الاستاذة فاطمة 2015 مطالبة بأن تذكر العالم من جديد بقدرة المرأة المصرية علي التصدي لذوي الجهالة والعمالة الذين يسعون الان الي الالتفاف حول المكاسب التي تحققت ويعيدوننا الي القرون الوسطي بإخضاعنا لايدولوجية اصولية خانقة وجامدة متطرفة لاتعرف من الدين الاسلامي الصحيح والسمح الا الادعاء بالتقيد الحرفي بالشعائر والطقوس والمحظورات والممنوعات الخ.
وهم في حقيقة الامر عملاء للغرب المعادي. يطالبون مساندته ويلجأون للدول الحليفة له فلم يعد في عصر التكنولوجيا المتقدمة والسماوات المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعية أسرار ولا اقنعة ولا وسائل للخداع يصعب كشفها.
نحن.. والنساء علي نحو اخص نواجه معركة حياة أو موت مع هذه الجماعات التي تتربص بنا عبر التسلل الي مجلس الشعب حتي يكونوا "نوايا" عنا"!!" ولن ينجينا في هذه المعركة الا التكاتف والنزول فرادي أو جماعات أو حشودا لصناديق الانتخابات مسلحين بالمعرفة والوعي وبالقدرة علي الاختيار السليم.. المعركة ليست اختيارا. ستفرض علينا ان لم نحسمها بالمشاركة.
** "الاستاذة فاطمة" سوف تجرجر في حالة الفشل إلي "الخيام" الي "زنازين" أنصار "داعش" وهم كثر وبأثواب وأقنعة وأسماء مختلفة أشكالهم في وسائل الاتصال وعلي شاشات بعض القنوات تنشر الخوف في أوصال من ينشدون حياة كريمة وحرة وانسانية.. وليس في هذا الكلام أدني مبالغة تأملوا ما يحدث حولنا. "الحرائر" و"سبايا" "النكاح" ولا تتغافلن عن صور "الكفاح" المشترك بين القوي الصهيونية وقوي الجماعات الارهابية بأفكارها وطموحاتها في الاجهاز علي أي شيء وكل شيء لتحقيق "الخلافة الاسلامية" وهي ليست في الواقع سوي "ساتر" للاستعمار والتبعية بصورة او اخري وباب للحروب الاهلية بين ابناء الدين الواحد والوطن الواحد و..الخ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف