محمد فودة
د. حسين كامل بهاء الدين بذل وأعطي.. فلا تظلموه
رداً علي "الصديق" القاريء الذي يعلق علي مقالاتي. وأسميه "صديقي" رغم أنني لم أره حتي الآن ورغم اختلاف وجهات نظرنا.. أقول إن الدكتور حسين كامل بهاء الدين كان من أنجح وزراء التربية والتعليم خلال حقبة طويلة من الزمن.. وكانت له أفكار خلاقة ونشاطه امتد إلي كل المدارس للمتابعة وضبط الأمور.. لكن لأن الجو العام كان في ذلك الوقت فاسدا وتغلب علي مسئوليه الكبار الأنانية وحب التسلط.. فإن الآخرين ممن كانت سلطتهم أكبر وأدوا مشروعاته لتطوير التعليم. ولم يخصصوا له الاعتمادات الكافية التي تنهض به كاستثمار حقيقي يعود علي البلاد بالرقي والتقدم.
ونتيجة لإهمال الدولة المتعمد في كل مجالات الحياة للنهوض بالشعب وعدم وجود رؤية مستقبلية لأهمية التعليم ظهر الجهل الكبير في الطبقات التي أحدثت الفوضي في مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وعانينا ومازلنا نعاني من آثار هذا الجهل إلي جانب الفقر وأمراض أخري.
هناك مسئولون كانوا مخلصين في عملهم وحاولوا أن يفعلوا شيئا ولكن أيديهم غلت بفعل فاعل وبفعل الركود الذي جثم علي صدر الوطن بحجة الاستقرار. ولا يصح أن ننفي عن هؤلاء المسئولين حبهم لوطنهم رغم ما كانوا يعانونه من مضايقات.
هي كلمة حق.. نقولها للدكتور حسين كامل بهاء الدين بكل نفس راضية فقد كان بالفعل شعلة متحركة في عمله.. لم يهدأ يومًا لانتظار تقارير تأتيه من هنا أو هناك.. بل كان يصر علي أن يري بنفسه كيف تسير منظومة التعليم في عهده.. زار كل المدارس ودخل الفصول وناقش الطلاب.. وحاسب المعلم.. وأعطي المجد ما يستحقه من التشجيع وكف المسئ عن إساءته وأعطاه ما يستحقه من الجزاء.
ربما اختلفنا كصحافة مع بعض قراراته أو إجراءاته. فليس هناك مسئول منزه عن الخطأ.. وليست هناك صحافة خالية من أهداف خاصة.. فكل منا لديه من العيوب مثل ما لديه من المحاسن.. لكن الدكتور حسين كامل بهاء الدين كان يتواصل دائمًا مع الصحافة ويرد علي كل انتقاد وجه إليه.. يشرح ويفسر فهو مسئول عن أجيال جديدة يدفع بها لتكون منارة لمصر كلها.
ويقيني أن الدولة لو وقفت إلي جانبه بالقدر الذي يستحقه هذا المرفق التعليمي وأعطته الإمكانات اللازمة لكان قد حقق طفرة غير مسبوقة في هذا المجال.. لم يكن بإمكانه أن يغير ويصحح ويطور في ظل هذا "الشح" المادي لأن المسئولين في الدولة كانوا بمجملهم يعيشون في واد.. والتنمية الشاملة التي تحقق مستقبل هذا الوطن بما يعود علي الشعب بالخير في واد آخر.
كان عدد من المسئولين في ذلك الوقت يعيرون الصحافة انتباها خاصا.. وليس الأمر علي ما هو عليه الحال الآن من تجاهل كل المسئولين لما ينشر في الصحف.. استهوت بعضهم الردود علي ما يذاع في الفضائيات ليظهروا بالصوت والصورة. ولم يعد لما تنشره الصحف مردود لديهم.
لو قرأت ما كتبه الدكتور حسين كامل بهاء الدين في هذا الكتاب الذي عرضته لعرفت أن الرجل لم يكن مجرد طبيب ناجح في عمله.. بل كان سياسيا من الدرجة الأولي في نظرته إلي المستقبل واعتماده علي التعليم كأول عامل في نهضة الشعوب.
ويكفي أنه سجل آراءه في كتاب حتي لا يظلمه الآخرون بأنه كان أحد أسباب تفاقم مشكلات التعليم. وأن ما نحصده اليوم من زراعته بالأمس.. لأن الرجل بذل وأعطي كل إمكاناته ولم تكن الدولة علي هذا القدر من العطاء للتعليم.