*النازيون الجدد استغلوا المزاج المعادى للإسلام فى حشد «اليمين المتطرف» ضد «أسلمة أوروبا»
*كراهية المسلمين لم تقتصر على القتل وامتدت إلى انتهاك حرمات المساجد وتنظيم المظاهرات المعادية
*الصين تمنع النساء من ارتداء الحجاب والرجال من إطلاق اللحى فى «شينجيانغ» و«أورومتشى»
*بورما تحرم مسلمى الروهينغا من حق التصويت.. الجرائم ضد المسلمين تتضاعف فى بريطانيا
جريمة كراهية جديدة اهتز لها الرأى العام فى مصر والعالم العربى خلال الأسبوع الماضى، تمثلت فى مقتل 3 من الطلاب المسلمين على يد أحد الأمريكيين الذى أطلق النار عليهم خارج الحرم الجامعى لـ«نورث كارولينا» فى مدينة «تشابل هيل» الأمريكية، حيث مكان دراسة الطلاب، لينضم كل من ضياء شادى بركات (23 عامـًا)، وزوجته يُسر محمد أبو صالحة (21 عامـًا)، وأختها رزان محمد أبو صالحة (19 عامـًا)، إلى قائمة طويلة من المسلمين الذين تعرضوا للقتل والاعتداء فى عدد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن عائلات الضحايا وصفوا ما حدث بأنه «جريمة كراهية»، غير أن الشرطة الأمريكية رأت أن الحادثة دافعها على ما يبدو «خلاف بين الجيران على مكان وقوف السيارات»، مع استمرار التحقيق حول التأكد مما إذا كان للكراهية الدينية دور فى عملية القتل.
ونقلت عن والد ضياء شادى بركات، أحد الضحايا الثلاث الذين سقطوا فى هذه الحادثة، قوله «أى نوع من البشر هذا الذى يأتى إلى هنا ليطلق النار على ثلاثة أشخاص أبرياء فى رءوسهم!».
وأفادت الصحيفة الأمريكية بأن الضحايا الثلاث واجهوا مع ذلك مشكلات سابقة حول مكان وقوف السيارات مع كريج ستيفن هيكس (46 عامـًا) الذى ألقى القبض عليه بتهمة القتل.
ونسبت إلى محمد يوسف أبو صالحة، والد يسر ورزان، تصريحات بأن ابنته يسر كانت قد أخبرته أنها وزوجها تعرضا لمضايقات بسبب مظهرهما من جانب أحد الجيران الذى كان يرتدى البندقية على حزامه، مشيرة إلى أن «هيكس» كان قد نشر أخيرًا على صفحة «فيسبوك» الخاصة به، صورة لمسدس عيار 38 سعة خمس طلقات.
ولفتت الصحيفة إلى أن إحدى صديقات يُسر أشارت إلى معرفتها بأن هيكس اشتكى للزوجين، بركات ويُسر، من قبل بسبب الضوضاء واستخدام زوارهم أماكن وقوف السيارات، فضلاً عن أنه جاء إلى باب منزلهم فى مرة، حاملاً بندقية.
تزامن حادث مقتل الطلاب الثلاثة المسلمين بمدينة «تشابل هيل» مع إعلان حكومة بورما سحب حق مسلمى الروهينغا (وهى جماعة مسلمة فى ولاية أراكان غربى بورما) فى التصويت المؤقت، وذلك فى أعقاب احتجاجات ضد منحهم هذا الحق. فقد قرر رئيس وزراء بورما، ثين سين، سحب حق مسلمى الروهينغا فى التصويت المؤقت، مما سيحول دون مشاركتهم فى الاستفتاء المقبل.
ويعانى المسلمون فى بورما من اضطهاد البوذيين لهم منذ وصول الحكم العسكرى الشيوعى إلى سدة السلطة عام 1962. ووصل هذا الاضطهاد إلى ذروته فى عام 2012، بعد أن قام البوذيون بقتل آلاف المسلمين إضافة لتهجير ما يقرب من 100 ألف مسلم روهينغى من قراهم ومنازلهم.
لم تكن جريمة «تشابل هيل» سوى «آخر عنقود» جرائم الكراهية والعنصرية ضد المسلمين فى الغرب.
ولعل الذاكرة تحفظ جرائم مماثلة عكست الكراهية والعنف ضد المسلمين وهزت أرجاء العالم، ومنها الواقعة التى كانت بطلتها مروة الشربينى، زوجة المبعوث المصرى علوى على عكاز، التى قُتلت فى ساحة محكمة دريسدن بألمانيا على يد مواطن ألمانى من أصل روسى يُدعى أليكس جورج فى 1 يوليو 2009، وذلك عقب مشاجرة دارت بينهما قبل عام من تاريخ الواقعة، اتهمها فيها القاتل بأنها «إرهابية» بسبب ارتدائها الحجاب، وحاول التعرض للزوجة مرارًا ونزع الحجاب عن رأسها، مما اضطرها إلى تقديم شكوى ضده، حيث قضت المحكمة بتغريم المتهم الألمانى 750 يورو، إلا أنه استأنف الحكم وتربص بمروة داخل المحكمة حيث أخرج سكينـًا كان بحوزته وقام بطعنها عدة طعنات فأرداها قتيلة على الفور، إضافة إلى توجيهه بعض الطعنات إلى زوجها وشخص آخر أثناء محاولتهما إنقاذها، لينتفض العالم كله منددًا بالواقعة.
فى المحاكمة، وصفت النيابة العامة كيف تعرضت الشربينى (31 عامـًا) للهجوم، حيث قالت: إن الصيدلانية مروة الشربينى مثلت أمام المحكمة يوم 1 يوليو 2009 للإدلاء بشهادتها فى جلسة استماع ضد «أليكس جورج»، الذى قدَّم استئنافـًا لإدانته فى وقت سابق بتهمة التشهير والإساءة إلى الدكتورة مروة الشربينى بعد أن وصفها بـ «الأصولية» و«الإرهابية» فى الساحة العامة.
وقال ممثلو الادعاء: إنه وبعد أن أدلت مروة الشربينى بالشهادة، اندفع أليكس جورج إليها وطعنها 16 مرة على الأقل بسكين استطاع تهريبه إلى داخل المحكمة، وقد طعن زوجها، علوى عكاظ، عدةَ مرات قبل أن يطلق عليه أحد ضباط الشرطة النار، وظلَّت شهيدة الحجاب تنزف - وقد كانت حاملاً لثلاثة أشهر فى ذلك الوقت - حتى الموت، وابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات ينظر إليها.
وفى منتصف يناير 2015، قتل اللاجئ الإريترى خالد إدريس بحرى، الذى عثر عليه مضرجـًا بدمائه قرب إقامته ببيت للجوء فى مدينة دريسدن الألمانية، حيث استبعدت الشرطة فى البداية حدوث الوفاة نتيجة عنف خارجى، ثم أعلنت بعد التشريح أن الوفاة تمت بجريمة قتل متعمدة. وربطت الصحف الألمانية بين موعد اختفاء بحرى وموعد انتهاء المظاهرة الأسبوعية لحركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب» (بيجيدا) المعادية للإسلام واللاجئين فى اليوم نفسه.
ونقلت صحيفة «دير تاجستسايتونج» (تاتس) عن جيران القتيل قولهم إن حائط مدخل منزله رُسم عليه صليبان متداخلان - الشعار المعروف للنازيين - وإنه تم تحطيم باب المنزل. وتشهد دريسدن منذ نهاية أكتوبر 2014 مظاهرات أسبوعية كل اثنين لحركة بيجيدا، وجاءت حادثة القتل فى هذه المدينة بعد نحو ست سنوات من جريمة قتل مروة الشربينى فى قاعة محكمة المدينة.
واعتبر الأمين العام لمنظمة برو أزيل - وهى أكبر منظمة فى أوروبا لمساعدة اللاجئين - جونتر بوركهاردت أن جريمة قتل اللاجئ حدثت فى مناخ من التحريض المتزايد الموجه من حركة بيجيدا إلى المسلمين واللاجئين.
ويمكن القول إن النازيين الجدد استغلوا فى السنوات الأخيرة المزاج المعادى للإسلام والسائد فى المجتمعات الأوروبية، سواء خيرت فيلدرز أو «الحزب من أجل الحرية» الذى يتزعمه فى هولندا، أو الحزب القومى الديمقراطى فى ألمانيا أو خلية النازيين الجدد الإرهابية وموقع الإنترنت اليمينى المتطرف «بى آى»، وهذا غيض من فيض. فالخوف من الإسلام وشبح «أسلمة أوروبا» يشكلان مدخلاً لتجنيد المزيد من أتباع اليمين المتطرف والحشد ضد المسلمين وذوى وجهات النظر الأخرى.
جرائم الكراهية ضد المسلمين فى بريطانيا سجلت أعلى معدلاتها خلال عام 2013؛ إذ أشار تقرير للشرطة البريطانية إلى ارتفاع نسبة جرائم الكراهية ضد المسلمين هناك إلى 65 فى المائة، حيث وصل عدد حالات الجريمة من 344 إلى 570 فى عام 2013، استهدفت فى معظمها نساء ارتدين النقاب والحجاب، بواقع حادثتين كل يوم منذ مقتل الجندى البريطانى «لى ريغبى» والذى تم قتله على يد متطرفين إسلاميين فى 22 مايو 2013.
كما شهدت الفترة من مايو 2013 إلى فبراير 2014 وقوع ما يقرب من 734 حادثًا معاديًا، وتأتى الحادثة الأشهر لمقتل الطالبة السعودية ناهد المانع التى لقيت حتفها بعد تعرضها إلى 16 طعنة فى مختلف أنحاء جسدها، حين هاجمها مجهول عندما كانت عائدة إلى منزلها فى مدينة كولتشستر البريطانية فى يونيو 2013، والتى اعتقدت حينها الشرطة البريطانية أن دوافعها عنصرية بسبب ارتداء الضحية زيـًا إسلاميـًا.
وفى 22 يوليو 2011، قام اليمينى المتطرف، أندرس بهرينغ بيرفيك، بتفجير قنبلة خارج مقر حكومة يسار الوسط النرويجية ثم توجه بعد ذلك إلى مخيم للشباب فى جزيرة «أوتويا» وقام بإطلاق النار على المشاركين فقتل العديد من المراهقين، وبهذا بلغ عدد ضحايا الهجومين 77 قتيلًا، إضافة إلى جرحى، لتعزيز أجندته المعادية للمسلمين وللمهاجرين، والموالية لـ«أوروبا المسيحية»، على حد وصفه، «بيرفيك» له موقع إلكترونى يناهض الإسلام ويتخذ موقفـًا متشددًا ضد سياسات رئيس الوزراء النرويجى «ينس ستولتنبرغ» وحزب العمل الحاكم المتسامحة تجاه الأجانب والهجرة. وقبل قيام بيرفيك بالعملية الإرهابية، كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر» بساعات قليلة «شخص واحد مؤمن يساوى قوة مائة ألف من الأشخاص الباحثين عن المصالح فقط».
كراهية المسلمين فى أوروبا والعالم لم تقتصر على جرائم القتل فقط، بل امتدت لانتهاك حرمات عباداتهم والإساءة لمساجدهم، حيث هوجم بعض أئمة المساجد، وجرى تعليق رءوس الخنازير على أبواب بعض المساجد بالنمسا، وأُصيب خمسة مسلمين فى هجوم استهدف مسجدًا فى مدينة «إسكيلستونا»، وفق تقرير أصدره مرصد «الإسلاموفوبيا» التابع لمنظمة التعاون الإسلامى، هذا إلى جانب العديد من المظاهرات المعادية للإسلام التى شهدتها مدينة دريسدن الألمانية منتصف يناير 2015 اعتراضـًا على ما أسموه «أسلمة الغرب»، وهو ما عارضته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشدة، إلى جانب منع الصين ارتداء الحجاب وإطلاق اللحية فى إقليمى «شينجيانغ» و«أورومتشى».
وأكد تقرير مرصد «الإسلاموفوبيا» أن بعض المسلمين وقعوا ضحايا الكراهية الناتجة عن أعمال لم تكن لهم فيها ناقة ولا جمل، وذلك بعد وقوع عمليات القتل والخطف والتفجير التى استهدفت أناسـًا أبرياء، واقترفها متطرفون وإرهابيون ينتسبون للإسلام، ويدّعون زيفـًا وافتراءً، ونتيجة فهمهم المنحرف لقيم هذا الدين وتعاليمه، قيامهم بأفعالهم الشريرة باسم الإسلام.
وأشار المرصد فى هذا الصدد إلى الحادثة الأبرز فى احتجاز الرهائن فى مقهى بسيدنى الأسترالية، والهجوم المروّع الذى قامت به طالبان باكستان على مدرسة يديرها الجيش فى بيشاور، مما أسفر عن مقتل 141 شخصـًا، وعملية خطف 142 امرأة وطفلاً فى قرية بشمال نيجيريا نفذتها جماعة «بوكو حرام»، بعد أسابيع من تفجير المسجد المركزى بكانو.
وأوضح مرصد «الإسلاموفوبيا» أن هذه الحوادث تأتى فى ظل مناخ سياسى فى الغرب يسوده التوجس والريبة تجاه الإسلام والمسلمين، ولاسيما مع صعود لافت لحزب مناهض للمهاجرين فى فرنسا، ووقوع أحداث سقط فيها عدد من الضحايا فى عدد من الدول. ففى يناير 2015، تعرضت بعض المساجد فى فرنسا للهجوم بعد وقوع حادثة «شارلى إيبدو»، حيث أطلق بعض المواطنين الفرنسيين النار على بعض المساجد هناك، كما طعن مواطن فرنسى مهاجرًا مغربيـًا مسلمـًا 17 طعنة بسكين فى فوكلوز (جنوب فرنسا)، بعد أن اقتحم منزله بسكين وهو يصرخ بعبارات معادية للإسلام.
فى تقرير مرصد «الإسلاموفوبيا» تفاصيل مزعجة، ومنها أن المشاعر المعادية للأجانب فى أوروبا تتنامى بشكل خطير ومقلق للغاية، فى ظل ركود اقتصادى، لافتـًا إلى أن الاعتداءات على النساء المسلمات فى بريطانيا ارتفعت بنسبة 10 فى المائة، فى حين تضاعفت فى هذا البلد بشكل عام التهديدات والشتائم اللفظية، وبخاصة فى وسائل التواصل الاجتماعى.
ولفت المرصد إلى استمرار عمليات التخريب التى تتعرض لها المساجد فى هولندا، وفى ألمانيا احتشد قرابة 17 ألف شخص فى دريسدن خلال شهر ديسمبر احتجاجا على ما وصفوه بـ «أسلمة الغرب»، فضلاً عن عمليات التخريب التى استهدفت المساجد والاعتداءات الجسدية والمضايقات على المسلمين، مؤكدا أن المستشارة الألمانية أعلنت وقوفها بحزم ضد هذه الاحتجاجات.
وجاءت التظاهرات فى السويد مختلفة بالمقارنة مع تلك الدول، بعد اندلاع أعمال عنف مناوئة للإسلام فى وسط العاصمة ستوكهولم عندما حاولت السلطات فصلها عن احتجاج منافس يقوده ناشطون يساريون تجمعوا وحاولوا معارضة المتظاهرين ضد الإسلام، ثم بدءوا فى رشق الشرطة بالزجاجات، على حد قول المتحدث باسم الشرطة كيل ليندجرين، الذى أكد أن القوات منعت الاضطرابات واعتقلت بعض المتظاهرين، موضحـًا أن عدد الناشطين فاق عدد المحتجين المناوئين للإسلام؛ إذ كانت الأعداد 350 مقابل 100.
فى الفترة من نوفمبر 2001 حتى مارس 2002، أجريت دراسة تركز على العرب الكنديين من قبل الاتحاد العربى الكندى، حول العنصرية التى واجهوها، أكدت أن 49.4 فى المائة من المستطلعين يواجهونها يوميًا. وقال 41.5 فى المائة إنهم يتعرضون لها من حين لآخر، 4.7 فى المائة و3.2 فى المائة فى كثير من الأحيان وفى كل وقت. ونفى 44.7 فى المائة من المستطلعين ذلك. وقال 5.9 فى المائة إنهم لا يعرفون.
كانت هناك أيضـًا حالات التخريب الموجهة نحو المساجد، وبخاصة فى كولومبيا البريطانية. واعتبر البعض المساجد كمراكز عمل للمتطرفين والجهاديين وهذه واحدة من المفاهيم الخاطئة الشائعة من الإسلاموفوبيا. وقد أدى هذا فى حوادث التخريب وجرائم الكراهية فى كندا تجاه تلك المساجد وأماكن أخرى.
وفى أغسطس 2012، تم تهديد مسجد الإيمان فى كولومبيا البريطانية بهجوم بقاذفة صواريخ. وجاء التهديد فى تعليق عبر الإنترنت؛ وألقى القبض على الجانى بعد فترة وجيزة.
وفى أكتوبر 2012 - تم إلقاء لحم خنزير خارج الجمعية الإسلامية فى بريتيش كولومبيا فى ميناء كوكويتلام.