المساء
مؤمن الهباء
محنة محمد جبريل
لا أدري.. حين تريد أن تتحدث عن محنة الروائي الكبير محمد جبريل تتحدث مع من.. أو تتحدث إلي من.. الحكومة أم وزارة الثقافة أم اتحاد الكتاب.. للأسف كل هذه الجهات وصلتها الرسالة بعلم الوصول.. لكن الآذان صمت والعيون غميت بينما الرجل يعاني أشد المعاناة في فراشه.. وهل هناك معاناة أصعب من آلام المرض مع عدم القدرة علي توفير تكاليف العلاج وانتظار قرار إنساني من مسئول في هذه الدولة ينتشل المريض من يأسه ويرد إليه كرامته.. ويرد للناس ثقتهم في أن هناك من يمد لهم يد العون عندما تضيق بهم السبل.
وصلت الرسالة إلي الحكومة بكل التفاصيل.. محمد جبريل أجري جراحة فاشلة علي نفقته الخاصة في العمود الفقري.. نتج عنها مضاعفات خطيرة فلم يعد قادراً علي المشي.. وأكد الأطباء ضرورة إجراء جراحة أخري وترقيع عظمي.. وهي جراحة دقيقة جداً في منطقة حساسة وتحتاج للسفر إلي الخارج.. وأصدر رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب فعلاً قراراً بسفره إلي ألمانيا لإجراء العملية.. لكنه حدد المبلغ المسموح به بـ 12 ألف يورو فقط بينما تكاليف العملية تتجاوز 50 ألف يورو.. ومحمد جبريل مثل كل الكتاب والأدباء المحترمين لا يملك ما يسد به هذا العجز.. ناهيك عن التعقيدات الإدارية الرهيبة التي تصيب أكثر المتفائلين باليأس والإحباط.
وقد كتب كثيرون قبلي عن محنة جبريل في الصحف والمجلات.. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي علي الإنترنت بآلاف المناشدات لاستكمال علاج الرجل علي نفقة الدولة بالخارج.. فهو يستحق ذلك بجدارة علي قدر ما أعطي لهذا الوطن من إبداع ومن إثراء ثقافي وبناء للوعي العام.. ومع ذلك لم يتحرك أحد لمساعدته.. ومازال يرقد حالياً علي أمل أن تجري له الجراحة الدقيقة في ألمانيا لتعيد له قدرته علي المشي.. فمازالت في مصر قلوب حانية.. ومازالت مصر قادرة علي مساندة مبدعيها ومفكريها الكبار الذين لم يتربحوا بقلمهم ولم يبيعوا ضمائرهم.. وظلوا مخلصين للوطن وللكلمة.
بالتأكيد.. يستطيع وزير الثقافة الزميل حلمي النمنم أن يقود حملة لإنقاذ محمد جبريل.. وهو يعرف قدره ومكانته.. يستطيع أن يتحدث مع رئيس الوزراء والوزراء لكي ينهي المماطلات والتعقيدات الإدارية.. ولكي يجعل قرار رئيس الوزراء السابق قابلاً للتنفيذ وقادراً علي تغطية تكاليف العملية الجراحية وتوابعها.. وبإمكانه أن يقول لزملائه الوزراء دون أدني حرج أن رحلة العلاج الطويلة التي خاضها جبريل استنفذت كل ما يملك.. وهو لم يكن يملك كثيراً.
ويستطيع اتحاد الكتاب أن يرفع صوته عالياً لدي كل الأوساط الحكومية من أجل محمد جبريل الذي طالما أدي خدمات جليلة للاتحاد ولأعضائه من الأدباء الشباب الذين صاروا الآن يتولون أمره.. قيمة محمد جبريل تقتضي منهم ذلك.. وقيمة الوفاء للأستاذ الذي علم وساند وشجع تقتضي منهم ذلك.
ويستطيع صديقنا المشترك المبدع والكاتب الكبير محمد سلماوي أن يستأنف من جديد جهوداً مشكورة لإنقاذ محمد جبريل.. خاصة بعد أن من الله عليه بالشفاء بعد عملية جراحية دقيقة أجراها في ألمانيا.. ولاشك أنه أدرك أثناءها الفارق الكبير بين مستوي الجراحة هنا ومستوي الجراحة هناك.. ويقيني أن صديقنا وزميلنا سلماوي مازال صاحب صوت مسموع وموثوق به.. وهذا ما يفرض عليه واجب مساعدة جبريل في محنته.
إن شهادتنا لمحمد جبريل مجروحة.. فهو صديق العمر.. وهو الأستاذ الذي أثري الحياة الأدبية بإبداعاته في الرواية والقصة والدراسات والنقد.. وهو صاحب الندوة المتميزة في نقابة الصحفيين التي قدم من خلالها الكثير من الوجوه والمواهب للأدب والصحافة.. وهو صاحب العمود الرائع المتجدد في جريدتنا "ع البحري".. ولدينا أمل كبير أن يستيقظ ضمير مصر لإنقاذه من محنته حتي يواصل مشوار العطاء.. فمازلنا في حاجة إليه وإلي أمثاله من المثقفين الحقيقيين الشرفاء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف