حلمى النمنم
الإدارى والسياسى أخطر من الجنائى
ما حدث أمام استاد الدفاع الجوى، لا ينبغى أن يمر، لا يكفى أن تكون وزارة الداخلية بريئة من إطلاق الرصاص، ولا يكفى القول إن الجماعة المحظورة مولت عبر بعض قياداتها شبابًا من الأولتراس لإحداث الفوضى.
ونحن لا نفترض أن وزارة الداخلية هدفها قتل المواطنين، الهدف الأساسى للوزارة تأمين المواطن، ومن ثم فبراءة الداخلية من قتل الشباب، يجب أن يكون عاديًا، ولا نعده غاية المنى، وفى المقابل نحن لا نتصور أن الجماعة الإرهابية يمكن أن تفلت فرصة لإثارة الفوضى وإسالة الدماء، هى جماعة إرهابية تعيش على الدم والقتل منذ مؤسسها الإرهابى الأكبر حسن البنا، والمفترض أن الجميع يعرف ذلك جيدًا ويتحسب له.
والأمر المؤكد أن هناك أخطاءً عديدة ارتكبت، أخطاء فى اتخاذ القرار بفتح المباراة للجمهور، وتنفيذ هذا القرار، كان يمكن منع دخول الجمهور نهائيًا، وأن تنقل المباراة على الشاشات ونتابعها من بعيد، أما وقد قررنا فتحها للجمهور، فكان يجب اتخاذ احتياطات عديدة، من بينها أن يحدد مسار للدخول، ويتم التأكد من حملة التصاريح، قبل البوابة الرئيسية بمئات الأمتار، حتى إذا ما تجمهر بعضهم أو اعترضوا، يكون ذلك بعيدًا تمامًا عن مكان المباراة، وكان يمكن تخصيص أكثر من بوابة أو مدخل، بحيث لا يلتف الجميع أمام بوابة واحدة.
لست من المتخصصين فى الشأن الكروى، لكن كان لابد أن يحدث تنسيق مبكر جدًا، بين إدارة الناديين واتحاد الكرة والداخلية، للاتفاق على قواعد واضحة يلتزم بها الجميع، وكان على اتحاد الكرة أن يلتقى قيادات الأولتراس..... وكان وكان.
نحن بإزاء موت أكثر من عشرين شابًا، قد يكونون جميعًا حاولوا الدخول بدون تذاكر، قد يكونون استفزوا الآخرين، ومن المؤكد أنهم لم يلتزموا القواعد والتعليمات العامة، ومن المؤكد كذلك أن بينهم من أراد دفع الأمور لاستنساخ مذبحة استاد بورسعيد مجددًا، لكن يبقى السؤال: كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد، ومن سمح بذلك..؟!
ما نراه حتى الآن، أن كل طرف يحاول التنصل ويبرئ نفسه مما حدث، لكن نحن أمام جريمة تكشف انعدام التخطيط الذكى لدى صناع القرار الرياضى فى مصر، بعد مذبحة استاد بورسعيد، فى فبراير 2012، تصورنا أنهم استوعبوا الدرس وتعلموا التجربة، لكن الواضح أن هناك حالة من الضعف أو التبلد الإدارى والسياسى، لا أحد يتعلم ويستفيد، ولا تتراكم لدينا خبرة بالمرة.. والنتيجة سقوط مزيد من القتلى، بلا أى مبرر.
النيابة العامة تتولى التحقيق، ويشرف السيد النائب العام بنفسه على هذا الملف، وسوف تعلن النيابة نتيجة التحقيق، والمؤكد أن المدان سوف يحال إلى المحاكمة، هذا جيد ومهم على المستوى الجنائى، لكن على المستوى الإدارى والسياسى لابد من إعادة نظر فى طريقة صنع بعض القرارات، ولابد من بصيرة سياسية وإدارية فى اتخاذ القرار.
جنائيًا وقضائيًا يتعلق الأمر بالأطراف المباشرة عن مصرع هؤلاء الشبان، لكن لا أتصور أن النيابة العامة سوف تتطرق إلى صاحب القرار بفتح المباراة للجمهور؟ ومن لم يمتلك شجاعة إصدار قرار بأن تكون المباراة بلا جمهور بعد أن وضحت النوايا مبكرًا لإحداث الفوضى؟!